وإنْ قالَتْ:«على ما في يَدِي مِنْ دَراهمَ، أو مِنْ الدَّراهمِ» ففعَلَ ولم يَكنْ في يَدِها شيءٌ فلهُ عليها ثَلاثةُ دَراهمَ؛ لأنها سمَّتِ الجمْعَ وأقلُّه ثلاثةٌ، وإنْ وُجدَ في يَدِها دَراهمُ مِنْ ثلاثةٍ إلى أكثرَ فهي للزَّوجِ، وإنْ كانَ في يَدِها أقلُّ مِنْ ثلاثةٍ فلهُ ثلاثةٌ، وإنْ وقَعَ الخُلعُ على المَهرِ صَحَّ، فإنْ لم تَقبضْه المَرأةُ سقَطَ عنهُ، وإنْ قَبضتْه استَردَّه منها، وإنْ خالَعَها على نَفقةِ عدَّتِها صحَّ الخُلعُ وسقَطَتْ عنه النَّفقةُ (١).
وقالَ المالكيَّةُ: لا يُشترطُ في صِحةِ الخُلعِ كونُه سَليمًا مِنْ الغَررِ والجَهالةِ، بلْ لو خالَعَ على مَجهولٍ صحَّ الخُلعُ ووقَعَ الطَّلاقُ؛ إذْ ليسَ سَبيلُه سَبيلَ المعاوَضاتِ المَحضةِ كالمُبايَعاتِ الَّتي تُبتغَى فيها الأثمانُ، وإنَّما المُبتغَى في هذا تخلُّصُ الزَّوجةِ مِنْ الزَّوجِ ومِلكُها لنَفسِها، وفارَقَ النِّكاحَ؛ لأنَّ الصَّداقَ حَقٌّ للهِ سُبحانَه، وتَجويزُ الجَهالةِ فيهِ ذَريعةٌ إلى إخلاءِ النِّكاحِ عنهُ، وليسَ كذلكَ الخُلعُ.
فإذا قالَ لزَوجتِه:«إنْ دَفعْتِ لي ما في يَدكِ -وكانَتْ مَقبوضةً- فأنتِ طالِقٌ» ففتَحَتْها فإذا فيها شيءٌ تافهٌ مُتموَّلٌ ولو يَسيرًا كالدِّرهمِ، أو غَيرُ مُتموَّلٍ كخِرقةٍ أو زَبيبةٍ أو حبَّةٍ مَثلًا، أو لا مُتموَّلَ فيها بأنْ لا يكونَ شَيءٌ فيها أصلًا بأنْ تكونَ فارِغةً، أو شيءٌ غيرُ متموَّلٍ كتُرابٍ؛ فإنها تَبِينُ منه بذلكَ؛
(١) «الهداية» (٢/ ١٥)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٦٩)، و «العناية» (٥/ ٤٧٦، ٤٧٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٢٠، ٥٢٢)، و «اللباب» (٢/ ١١٨، ١١٩).