قالَ الحَنابلةُ: إنْ لَم يكنْ في يَدِها شيءٌ فلهُ عليها ثلاثةٌ، نصَّ عليهِ أحمَدُ؛ لأنهُ أقَلُّ ما يقَعُ عليهِ اسمُ الدَّراهمِ حَقيقةً، ولَفظُها دلَّ على ذلكَ فاستَحقَّهُ، كما لو وصَّى لهُ بدَراهمَ.
وإنْ كانَ في يَدها أقلُّ مِنْ ثلاثةٍ احتُملَ أنْ لا يكونَ لهُ غَيرُها، لأنه مِنْ الدَّراهمِ وهو في يَدِها، واحتُملَ أنْ يكونَ لهُ ثلاثةٌ كامِلةٌ؛ لأنَّ اللَّفظَ يَقتضِيها فيما إذا لم يَكنْ في يَدِها شيءٌ، فكذلكَ إذا كانَ في يَدِها (١).
وقالَ الحَنفيةُ: إذا قالَتْ لهُ: «خالِعْني على ما في يَدِي» فخالَعَها ولم يَكنْ في يَدِها شيءٌ فلا شيءَ لهُ عليها؛ لأنها لم تَغرَّه حَيثُ لم تُسمِّ مالًا ولا سمَّتْ لهُ شيئًا لهُ قيمةٌ، وكذا إذا قالَتْ:«على ما في بَيتِي» ولم يكنْ في بَيتِها شيءٌ صحَّ الخلعُ ولا شيءَ له.
وإذا قالَتْ لهُ:«خالِعْني على ما في يَدي مِنْ مالٍ» فخالَعَها ولمْ يَكنْ في يَدِها شيءٌ رَدَّتْ عليهِ مَهرَها؛ لأنها لمَّا سمَّتْ مالًا لم يكنْ راضِيًا بالزَّوالِ إلَّا بعِوضٍ، ولا وجهَ إلى إيجابِ المُسمَّى أو قيمتِه للجَهالةِ، ولا إلى قيمةِ البُضعِ -أي: مَهرِ المَثلِ-؛ لأنه غَيرُ متقوَّمٍ حالةَ الخُروجِ، فتَعيَّنَ ما قامَ بهِ على الزَّوجِ، ثمَّ إذا وجَبَ له الرُّجوعُ بالمَهرِ وكانَتْ قد أبرأَتْه منهُ لم يَرجعْ عليها بشيءٍ؛ لأنَّ عيْنَ ما يَستحقُّه قد سَلمَ له بالبَراءةِ، فلو رجَعَ عليها لَرجَعَ لأجلِ الهِبةِ، وهي لا تُوجِبُ على الواهِبِ ضَمانًا.