للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= هذا ليسَ على إطلاقِه؛ فقدْ تَكرهُ المرأةُ الزَّوجَ ولا تُطيقُ العَيشَ معهُ وتُبغضُه وهو لا يُريدُ أنْ يُطلِّقَها ويُمسكُها ضِرارًا؛ فهُنا ذهب بعضُ العلماءِ مِنْ الحَنابلةِ وغيرِهم -وهو أحدُ قَولَي شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ إلى أنه يَجبُ التَّفريقُ بينَهما، ويجوزُ لها أنْ ترفَعَ أمْرَها إلى القاضي إنْ وُجدَ ويَحكمُ لها بالخُلعِ مِنْ زوجِها وإنْ لم يرْضَ بشَرطِ أنْ تُعطيَه كلَّ ما أخذَتْه منه وتُبْرأَه مِنْ كلِّ ما عليه مِنْ حُقوقِ الزَّوجيةِ، وقد أَفتى بذلكَ الشَّيخُ ابنُ بازٍ وابنُ عُثيمينَ -رحمهما الله-، وهو ما أَميلُ إليهِ؛ لأنَّ النِّكاحَ عقدٌ بينَ طرفَينِ، وكما أباحَ اللهُ للزَّوجِ أنْ يطلِّقَ زوْجتَه بغيرِ رضاها ويَحُلَّ عَقدَ النكاحِ الَّذي بيْنَهما فيَجوزُ للعاقِدِ الآخرِ أنْ يَحُلَّ عقْدَ الزَّواجِ بالخُلعِ وإنْ لم يَرضَ الزَّوجُ.
وكما مرَّ فالمسألةُ ليسَ فيها إجماعٌ ولا نصٌّ يُوجِبُ رضَا الزَّوجِ في كلِّ الحالاتِ، فإذا امتَنعَ وضَارَّ بالمرأةِ جازَ لها الخُلعُ بغيرِ رضاهُ، وبهذا أخَذَ القانونُ المِصريُّ، وهو ما أفتَى بهِ جماعةٌ مِنْ فُقهاءِ العصرِ ومِن المُتقدِّمينَ.
قالَ الشَّيخُ ابنُ بازٍ في مِثلِ هذهِ الحالةِ: مثلُ هذهِ المرأةِ يجبُ التَّفريقُ بيْنَها وبينَ زوجِها المُشارِ إليهِ إذا دفعَتْ إليه جهازَه؛ لقَولِ النَّبيِّ لثابتِ بنِ قيسِ لمَّا أبغَضَتْه زَوجتُه وطلبَتْ فِراقُه وسمَحَتْ برَدِّ حديقتِه إليهِ: «اقبَلِ الحَديقةَ وطلِّقْها تَطليقةً» رَواهُ البُخاريُّ في «صحيحه»، ولأنَّ بقاءَها في عِصمتهِ -والحالُ ما ذُكرَ- يُسبِّبُ عليها أضرارًا كثيرةً، وقَد قالَ النَّبيُّ : «لا ضرَرَ ولا ضِرارَ»، ولأنَّ الشَّريعةَ جاءَتْ بتَحصيلِ المَصالِحِ وتَكميلِها وتَعطيلِ المَفاسدِ وتَقليلِها، ولا رَيبَ أنَّ بقاءَ مثلَ هذهِ المرأةِ في عِصمةِ زوْجِها المَذكورِ مِنْ جُملةِ المَفاسدِ الَّتي يجبُ تَعطيلُها وإزالَتُها والقَضاءُ عليها، وإذا امتنَعَ الزَّوجُ عنِ الحُضورِ معَ المرأةِ المذكورةِ إلى المَحكمةِ وجَبَ على الحاكمِ فسخُها مِنْ عِصمتِه إذا طلبَتْ ذلكَ وردَّتْ عليهِ جهازَه؛ للحديثَينِ السابقَينِ وللمَعنى الَّذي جاءَتْ بهِ الشَّريعةُ واستقرَّ مِنْ قواعدِها. اه مِنْ «مَجموعُ فتاوى ابنِ باز». =

<<  <  ج: ص:  >  >>