فاحتَجَّ مَنْ جعَلَه طَلاقًا بأنَّ الفُسوخَ إنَّما هي الَّتي تَقتضِي الفُرقةَ الغالِبةَ للزَّوجِ في الفِراقِ ممَّا ليسَ يَرجعُ إلى اختِيارِه، وهذا راجِعٌ إلى الاختِيارِ فليسَ بفَسخٍ.
واحتَجَّ مَنْ لم يرَه طلاقًا بأنَّ اللهَ ﵎ ذكَرَ في كتابِه الطَّلاقَ فقالَ: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، ثمَّ ذكَرَ الافتِداءَ، ثمَّ قالَ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]، فلو كانَ الافتِداءُ طَلاقًا لَكانَ الطَّلاقُ الَّذي لا تَحلُّ له فيهِ إلَّا بعدَ زَوجٍ هو الطَّلاقُ الرَّابعُ، وعندَ هؤلاءِ أنَّ الفُسوخَ تقَعُ بالتَّراضِي قياسًا على فُسوخِ البَيعِ -أعنِي الإقالةَ-، وعندَ المُخالِفِ أنَّ الآيةَ إنَّما تَضمَّنتْ حُكمَ الافتِداءِ على أنه شَيءٌ يَلحقُ جميعَ أنواعِ الطَّلاقِ، لا أنَّه شيءٌ غيرُ الطَّلاقِ.
فسَببُ الخِلافِ: هلِ اقتِرانُ العِوضِ بهذهِ الفُرقةِ يُخرِجُها مِنْ نَوعِ فُرقةِ الطَّلاقِ إلى نوعِ فُرقةِ الفَسخِ أم ليسَ يُخرِجُها؟ (١).
فائِدةُ الخِلافِ على القَولِ بأنَّ الخُلعَ فَسخٌ أو بأنَّه طَلاقٌ:
وفائِدةُ الخِلافِ على القَولِ بأنَّه فسخٌ أنَّه لو نكَحَها بعدَ الفَسخِ (الخُلعِ) كانَتْ معَه على ثَلاثةٍ، ولَم تَحرُمْ عليهِ ولو خالَعَها مِائةَ مرَّةٍ، ولو كانَ قَدْ طلَّقَها طَلقتَينِ ثمَّ فسَخَ (خَلعَ) حَلَّتْ لهُ قبلَ زَوجٍ، ولو فسَخَ نِكاحَها في ثلاثةِ عُقودٍ حلَّتْ له قبلَ زَوجٍ.
(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٥٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute