جعَلَ ذلكَ مُستنَدًا في إبطالِ حقِّها وادَّعى أنها خرَجَتْ بغيرِ إذنِه، فهل يكونُ ذلكَ مُبطِلًا لحَقِّها؟ والإنكارُ الَّذي أنكَرَتْه عليهِ يَستوجِبُ إنكارًا في الشَّرعِ؟
فأجابَ: قالَ اللهُ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]، فلا يَحلُّ للرَّجلِ أنْ يَعضُلَ المرأةَ بأنْ يمنَعَها ويُضيِّقَ عليها حتَّى تُعطيَه بعضَ الصَّداقِ، ولا أنْ يَضربَها لأجْلِ ذلكَ، لكنْ إذا أتَتْ بفاحِشةٍ مُبيِّنةٍ كانَ لهُ أنْ يَعضلَها لتَفتديَ منهُ ولهُ أنْ يَضربَها، هذا فيما بينَ الرَّجلِ وبينَ اللهِ، وأمَّا أهلُ المَرأةِ فيَكشفونَ الحقَّ مع مَنْ هو فيُعِينونَه عليهِ، فإنْ تَبيَّنَ لهُم أنها هي الَّتي تَعدَّتْ حُدودَ اللهِ وآذَتِ الزَّوجَ في فِراشِه فهي ظالِمةٌ مُتعدِّيةٌ فلْتَفتدِ منهُ، وإذا قالَ إنَّه أرسَلَها إلى عُرسٍ ولم تَذهَبْ إلى العُرسِ فلْيسألْ إلى أينَ ذهَبَتْ؟ فإنْ ذكرَ أنها ذهَبَتْ إلى قَومٍ لا رِيبةَ عندَهم وصدَّقَها أولئكَ القومُ أو قالُوا: «لم تَأتِ إلينا وإلى العُرسِ لم تَذهبْ» كانَ هذا رِيبةً، وبهذا يَقوَى قَولُ الزَّوجُ.
وأمَّا الجِهازُ الَّذي جاءَتْ بهِ مِنْ بَيتِ أبيها فعليهِ أنْ يَردَّهُ عليها بكُلِّ حالٍ، وإنْ اصطَلحُوا فالصُّلحُ خَيرٌ، ومتَى تابَتِ المرأةُ جازَ لزَوجِها أنْ يُمسِكَها، ولا حرَجَ في ذلكَ، فإنَّ التَّائبَ مِنْ الذَّنبِ كمَن لا ذنْبَ لهُ، وإذا لم يتَّفقَا على رُجوعِها إليهِ فلْتُبرئْه مِنْ الصَّداقِ ولْيَخلعْها الزَّوجُ، فإنَّ الخُلعَ جائِزٌ بكِتابِ اللهِ وسُنةِ رَسولُه؛ كما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، واللهُ أعلَمُ (١).
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٨٣، ٢٨٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute