للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاجةٍ، ولأنَّه إضرارٌ بها وبزَوجِها وإزالةٌ لمَصالِحِ النِّكاحِ مِنْ غيرِ حاجَةٍ فحَرُمَ؛ لقَولِه : «لا ضرَرَ ولا ضِرارَ» (١).

القسمُ الثالثُ: وهوَ مُحرَّمٌ بالاتِّفاقِ: وهو أنْ يَضربَها أو يُخوِّفَها بالقَتلِ أو يُضيِّقَ عليها أو يَمنعَها نفَقتَها وكِسوَتَها ونحوَ ذلكَ لتُخالِعَه؛ فاتَّفقَ العُلماءُ على حُرمتِه وعلى أنَّ هذا مَحظورٌ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾ [النساء: ١٩]. والعَضْلُ: المَنْعُ.

إلَّا أنَّ العُلماءَ اختَلفُوا فيما لو خالَعَتْه في هذهِ الحالَةِ؛ هل يَبطلُ الخُلعُ ويُعتبَرُ طلاقًا ويَردُّ لها ما أخَذَه مِنها؟ أو يَصحُّ الخُلعُ والعِوضُ لازمٌ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنها لو خالَعَتْه في هذهِ الحالَةِ لم يَصحَّ الخُلعُ ولا يَملكُ الزَّوجُ ما بذَلَتْه على ذلكَ؛ لقَولِ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩]، ولأنهُ عَقدُ مُعاوَضةٍ أُكرهَتْ عليهِ بغيرِ حَقٍّ، فلم يَستحِقَّ فيهِ العِوضَ كالبيعِ.

قالَ المالِكيةُ: إنْ خالَعَتْه لخَوفِ ضَرَرِه أو لظُلمٍ ظلَمَها أو أضَرَّ بها نفَذَ الطَّلاقُ ورَدَّ ما أخَذَه منها، فأمَّا نُفوذُ الطَّلاقِ؛ فلأنَّه هو ألزَمَ نفْسَه فلا سَبيلَ


(١) «الأوسط» (٥/ ١٨٧، ١٩٠)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٢٠)، و «المغني» (٧/ ٢٤٨)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٥١)، و «الكافي» (٣/ ١٤٢)، و «المبدع» (٧/ ٢٢٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٨٢، ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>