وذَهب الشافِعيُّ وأبو حَنيفَةَ وأحمدُ وجَماعةٌ غيرُهم إلى أنَّ المُصلِّي يَقولُ في رُكوعِه:«سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ» ثَلاثًا، وفي السُّجودِ:«سُبحانَ رَبِّيَ الأعلى» ثَلاثًا، على ما جاءَ في حَديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ، وقالَ الثَّورِيُّ: أحَبُّ إلَيَّ أن يَقولَها الإمامُ خَمسًا في صَلاتِه حتى يُدرِكَ الذي خلفَه ثَلاثَ تَسبيحاتٍ.
والسَّببُ في هذا الاختِلافِ مُعارَضةُ حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ في هذا البابِ؛ لحَديثِ عُقبَةَ بنِ عامرٍ، وذلك أنَّ في حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّه ﵊ قالَ:«ألَا وإنِّي نُهِيتُ أن أقرَأَ القُرآنَ رَاكِعًا أو ساجِدًا، فأمَّا الرُّكوعُ فعَظِّموا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجودُ فاجتَهِدوا فيه في الدُّعاءِ فقَمِنٌ أن يُستَجَابَ لَكم».
وفي حَديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ أنَّه قالَ: لمَّا نزلَت ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٩٦]، قالَ لنا رَسولُ اللهِ ﷺ:«اجعَلُوها في رُكُوعِكُم»، ولمَّا نَزَلت ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]، قالَ:«اجعَلُوها في سُجودِكم».
وكذلك اختَلَفوا في الدُّعاءِ في الرُّكوعِ بعدَ اتِّفاقِهم على جَوازِ الثَّناءِ على اللهِ تَعالَى، فكَرِهَ ذلك مالِكٌ؛ لِحَديثِ علِيٍّ أنَّه قالَ النَّبيُّ ﵊:«أمَّا الرُّكوعُ فعَظِّموا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجودُ فاجتَهِدوا فيه في الدُّعاءِ».
وقالَت طائِفةٌ: يَجوزُ الدُّعاءُ في الرُّكوعِ، واحتَجوا بأحادِيثَ جاءَ فيها أنَّه ﵊ دَعا في الرُّكوعِ، وهو مَذهبُ البُخاريِّ، واحتَجَّ بحَديثِ عائِشَةَ، قالَت:«كانَ النَّبيُّ ﵊ يَقولُ في رُكُوعِه وسُجودِه: سُبحانَكَ اللَّهمَّ رَبَّنا وبحَمدِكَ اللَّهمَّ اغفِر لي».