للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانَتْ عائِشةُ أحَبَّ نِسائِه إليهِ، وسائِرُ نِسائِه يَعرِفْنَ ذلكَ (١).

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ عن رَجُلٍ مُتزوِّجٍ بامرَأتَينِ وإحداهُما يُحبُّها ويَكسُوها ويُعطِيها ويَجتمِعُ بها أكثَرَ مِنْ صاحِبتِها.

فأجابَ: الحَمدُ للهِ، يجبُ عليهِ العَدلُ بينَ الزَّوجتَينِ باتِّفاقِ المُسلمِينَ، وفي السُّننِ الأربَعةِ عَنْ أبي هُريرةَ عَنْ النَّبيِّ قالَ: «مَنْ كانَتْ له امرَأتانِ فمالَ إلى إحداهُما دونَ الأُخرى جاءَ يومَ القِيامةِ وأحَدُ شِقَّيهِ مائِلٌ»، فعليهِ أنْ يَعدلَ في القَسْمِ، فإذا باتَ عندَها ليلةً أو لَيلتَينِ أو ثَلاثًا باتَ عندَ الأُخرى بقَدْرِ ذلكَ، ولا يُفضِّلُ إحداهُما في القَسْمِ، لكنْ إنْ كانَ يُحِبُّها أكثَرَ ويَطَؤُها أكثَرَ فهذا لا حرَجَ عليهِ فيهِ، وفيهِ أنزَلَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء: ١٢٩] أي: في الحُبِّ والجِماعِ، وفي السُّننِ الأربعَةِ عن عائِشةَ قالَتْ: كانَ رَسولُ اللهِ يَقسِمُ ويَعدِلُ فيَقولُ: «هذا قَسْمِي فيما أملِكُ، فلا تَلُمنِي فيما تَملِكُ ولا أملِكُ» يعنِي القَلبَ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : لا تَجبُ التَّسويةُ بينَ النِّساءِ في المَحبَّةِ، فإنها لا تُملَكُ، وكانَتْ عائِشةُ أحَبَّ نِسائِه إليهِ، وأُخِذَ مِنْ هذا أنَّه لا تَجبُ التَّسويةُ بينَهنَّ في الوَطءِ؛ لأنَّه مَوقوفٌ على المَحبَّةِ والمَيلِ، وهي بيَدِ مُقلِّبِ القُلوبِ.


(١) «إحياء علوم الدين» (٢/ ٤٨).
(٢) «مجموع فتاوى ابن تيمية» (٣٢/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>