للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالكيَّةُ: المَرضُ إذا كانَ ثَقيلًا لا يَقدِرُ فيهِ على الانتِقالِ والحَركةِ سَقطَتِ القِسْمَةُ، وإذا مَرِضَ مَرضًا يَقوَى معهُ على الاختِلافِ فيما بَينَهنَّ كانَ لهُ أنْ يَعدِلَ بَينَهنَّ في القَسْمِ وُجوبًا، إلَّا أنْ يَكونَ مَرضُه مَرضًا قد غلَبَه ولا يَقدِرُ على الاختِلافِ، فلا بَأسَ أنْ يُقيمَ حيثُ أَحبَّ، ما لم يَكنْ منهُ مَيلًا، فإذا صَحَّ عدَلَ بَينَهنَّ في القِسمةِ، ولَم يَحتَسبْ للَّتي لم يُقِمْ عندَها ما أقامَ عندَ غَيرِها.

وقيلَ: إذا غُلِبَ وكانَتْ إحداهُنَّ تَصلحُ لتَمريضِه دُونَ غَيرِها تَعيَّنَتْ، وإنْ تَساوَينَ فبالقُرعةِ، إلَّا أنْ يَرضَيْنَ (١).

وقالَ الشَّافعيةُ: مَنْ باتَ عندَ بعضِ نِسوَتِه بقُرعةٍ أو غَيرِها لَزمَهُ المَبيتُ عندَ مَنْ بقيَ مِنهنَّ ولو كانَ مَريضًا؛ لقَولِه : «مَنْ كانَتْ لهُ امرأتانِ فمالَ معَ إحداهُما على الأُخرَى جاءَ يَومَ القِيامةِ وأحَدُ شِقَّيهِ ساقِطٌ»، وفي روايةٍ: «جاءَ يَومَ القِيامةِ وشِقُّهُ مائلٌ» (٢)، وكانَ يَقسِمُ بينَ نِسائِه ويُطافُ بهِ عليهنِّ في مَرضِه، حتَّى رَضِينَ بتَمريضِه في بَيتِ عائِشةَ ، وفيهِ دليلٌ على أنَّ العُذرَ والمرَضَ لا يُسقِطُ القَسْمَ (٣).


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٣٤٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٨٨)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٠٤، ٢٠٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٣٣)، وابن ماجه (١٩٦٩)، والإمام أحمد (٨٥٤٩، ١٠٠٩٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٢٠٧).
(٣) «مغني المحتاج» (٤/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>