للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُسافِرَ معهُ صارَتْ ناشِزًا وسقَطَ قَسْمُها ونَفقتُها، إلَّا أنْ تكونَ مَعذورةً بمَرضٍ لعَجزِها عنِ السَّفرِ فلا تَعصِي، ولها النَّفقةُ، ولا يَلزمُه قَضاءُ قَسْمِها؛ لأنهُ قد بذَلَ ذلكَ لها فكانَ الامتِناعُ مِنْ جِهتِها، وإنْ عُذِرْنَ فيهِ بأنْ كانَ سَفرُه في مَعصيةٍ وامتَنعْنَ مِنْ السَّفرِ لأجْلِ المَعصيةِ لم يكنْ ذلكَ عُذرًا لهنَّ عنِ التأخُّرِ إذا أَمِنَّ؛ لأنهُ ليسَ يَدعوهنَّ إلى مَعصيةٍ، وإنَّما يَدعوهنَّ إلى استِيفاءِ حَقٍّ لا يَسقطُ بالمَعصيةِ، فإنْ أقَمْنَ بذلكَ على امتِناعِهنَّ نشَزْنَ وسقَطَ قَسْمُهنَّ ونَفقتُهنَّ.

والحالُ الثَّانيةُ: أنْ يَتركُهنَّ في أوطانِهنَّ ولا يُريدُ السَّفرَ بواحِدةٍ مِنهنَّ، فلهُ ذلكَ؛ لأنهُ لوِ اعتَزلَهنَّ وهو مُقيمٌ جازَ، فإذا اعتَزلَهنَّ بالسَّفرِ كانَ أَولى بالجوازِ إذا قامَ بما يَجبُ لهنَّ مِنْ الكُسوةِ والنَّفقةِ والسُّكنَى، فإذا خِفْنَ على أنفسِهنَّ إذا سافَرَ عَنهنَّ لَزمَه أنْ يُسكِنَهنَّ في مَوضِعٍ يأْمَنَّ فيهِ، فإنْ وُجِدَ ذلكَ في وَطنِه وإلَّا نقَلَهنَّ إلى غَيرِه مِنْ المَواطِنِ المَأمونةِ، فإنْ أمَرَهنَّ بعدَ سَفرِه عنهنَّ أنْ يَخرجْنَ إليهِ لَزمَهنَّ الخُروجُ إذا كانَ السَّفرُ مَأمونًا ووَجَدْنَ ذا مَحرَمٍ، فإنِ امتنَعْنَ نشَزْنَ وسقَطَتْ نَفقاتُهنَّ.

والحالُ الثَّالثةُ: أنْ يُريدَ السَّفرَ ببَعضِهنَّ دونَ بعضٍ، فلهُ ذلكَ؛ لأنَّ النَّبيَّ قد فعَلَ ذاكَ في أكثرِ أسفارِهِ، ولأنهُ لمَّا جازَ أنْ يُسافِرَ بجَميعِهنَّ فأَولَى أنْ يُسافِرَ ببَعضِهنَّ، ولمَّا جازَ أنْ يَتركَ جَميعَهنَّ فأَولى أنْ يَتركَ بعضَهنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>