للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُندَبُ له التَّأمينُ، وكذا المَأمُومُ إذا لم يَسمَع إمامَه يَقولُ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [﴿: ٧].

واحتَجَّ الجُمهورُ بحَديثِ أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «إذا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فإنَّه مَنْ وَافَقَ تَأمِينُه تَأمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقدَّم مِنْ ذَنبِه» (١). ورَوى وائِلُ بنُ حُجرٍ «أنَّ النَّبيَّ كانَ إذا قالَ: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [﴿: ٧]، قالَ: آمِينَ، وَرفعَ بها صَوتَه» (٢).

واحتَجَّ مالِكٌ بقولِ النَّبيِّ : «قالَ: إذا قالَ الإِمَامُ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [﴿: ٧]، فَقُولوا: آمِينَ» (٣). فهذا يدلُّ على أنَّ الإمامَ لا يُؤَمِّنُ، وذلك أنَّه لو كانَ يُؤَمِّنُ لَمَا أمرَ المَأمومَ بالتَّأمِينِ عندَ الفَراغِ مِنْ أُمِّ الكتابِ قبلَ أن يُؤَمِّنَ الإمامُ.

قالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ : في تَأمِينِ الإمامِ رِوايَتانِ، فوَجهُ إثباتِه قولُه : «إذا أمَّنَ الإمامُ فأَمِّنُوا»، ورَوى وائِلُ بنُ حُجرٍ أنَّه كانَ يَقولُ آمينَ، يَرفَعُ بها صَوتَه، ولأنَّه ذِكرٌ سُنَّ لِلمَأمومِ، فكانَ مَسنونًا لِلإمامِ، كسائرِ الأذكارِ المَسنونةِ؛ لأنَّه مُصَلٍّ، فأشبَهَ المَأمومَ والمُنفرِدَ، ولأنَّ الإمامَ في بابِ الأذكارِ أبلَغُ مِنْ المَأمُومِ؛ لأنَّه يَأتي بما لا يَأتي المَأمُومُ مِنْ القِراءةِ والجَهرِ، وإذا سُنَّ له ما كُرِهَ لِلمَأمومِ كانَ بأن يُسنَّ له ما يُسنُّ لِلمأمومِ أَولَى، واعتِبارًا بإسرارِ القِراءةِ.


(١) رَواه البخاري (٧٤٧)، ومسلم (٤١٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٩٣٢).
(٣) رواه البخاري (٧٤٩)، ومسلم (٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>