أبَوَيها باتِّفاقِ الأئِمةِ، وإذا أرادَ الرَّجلُ أنْ يَنتقلَ إلى مكانٍ آخَرَ مع قيامِه بما يَجبُ عليهِ وحَفظَ حُدودَ اللهِ فيها ونهاها أبوها عَنْ طاعَتِه في ذلكَ فعَليها أنْ تُطيعَ زوْجَها دونَ أبَوَيها؛ فإنَّ الأبوَينِ هُما ظالِمانِ، ليسَ لهُما أنْ يَنهَياها عن طاعَةِ مثلِ هذا الزَّوجِ، وليسَ لها أنْ تُطيعَ أمَّها فيما تَأمرُها به مِنْ الاختِلاعِ منهُ أو مُضاجَرتِه حتَّى يُطلِّقَها، مثلَ أنْ تُطالبَه مِنْ النَّفقةِ والكِسوةِ والصَّداقِ بما تَطلبُه ليُطلِّقَها، فلا يَحِلُّ لها أنْ تُطيعَ واحدًا مِنْ أبوَيها في طلاقِه إذا كانَ مُتَّقيًا للهِ فيها.
ففي السُّننِ الأربعةِ وصَحيحِ أبي حاتمٍ عن ثَوبانَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «أيُّما امرأةٍ سَألتْ زوْجَها الطَّلاقَ مِنْ غيرِ ما بأسٍ فحَرامٌ عليها رائِحةُ الجَنَّةِ»، وفي حَديثٍ آخَرَ:«المُختلِعاتُ والمُنتزِعاتُ هُنَّ المُنافِقاتُ».
وأمَّا إذا أمَرَها أبَواها أو أحَدُهما بما فيهِ طاعةُ اللهِ مثلَ المُحافَظةِ على الصَّلَواتِ وصِدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانةِ ونهَوَها عنْ تَبذيرِ مالِها وإضاعتِهِ ونحوِ ذلكِ ممَّا أمَرَ اللهُ ورَسولُه أو نهَاها اللهُ ورَسولُه عنهُ فعَليها أنْ تُطيعَهُما في ذلكَ ولو كانَ الأمرُ مِنْ غَيرِ أبَوَيها، فكيفَ إذا كانَ مِنْ أبَوَيها؟!
وإذا نهاها الزَّوجُ عمَّا أمَرَ اللهُ أو أمَرَها بما نهَى اللهُ عنهُ لم يكنْ لها أنْ تُطيعَه في ذلكَ؛ فإنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«إنَّهُ لا طاعةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ»، بلِ المالِكِ لو أمَرَ مَملوكَه بما فيهِ مَعصيةٌ للهِ لم يَجُزْ له أنْ يُطيعَه في مَعصيةٍ، فكيفَ يَجوزُ أنْ تُطيعَ المرأةُ زوْجَها أو أحَدَ