ولكنْ لا يَنبغِي للزَّوجِ مَنعُها مِنْ عِيادةِ والِدَيها وزيارَتِهما؛ لأنَّ في ذلكَ قَطيعةً لهُما وحَمْلًا لزَوجَتِه على مُخالَفتِه، وقد أمَرَ اللهُ تعالَى بالمُعاشَرةِ بالمَعرُوفِ، وليسَ هذا مِنْ المُعاشَرةِ بالمَعروفِ.
وكذا إذا مَرِضَ بَعضُ مَحارِمِها كإخوَتِها، أو ماتَ بَعضُ مَحارِمِها كأولادِ عَمِّها وعَمَّتِها وأولادِ خالِها وخالَتِها استُحِبَّ للزَّوجِ أنْ يَأذنَ لها في الخُروجِ إلى تَمريضِه أو عِيادتِه أو شُهودِ جَنازتِه؛ لِمَا في ذلكَ مِنْ صِلةِ الرَّحمِ، وفي مَنعِها مِنْ ذلكَ قَطيعةُ رَحِمٍ، ورُبَّما حَمَلَها عَدمُ إذنِه على مُخالَفتِه.
ولا يُستَحبُّ أنْ يَأذنَ لها في الخُروجِ لزِيارةِ أبويها معَ عَدمِ المَرضِ؛ لعَدمِ الحاجَةِ إليه ولِئلَّا تَعتادَهُ.
ولا يَملكُ الزَّوجُ منْعَها مِنْ كَلامِهما، ولا منْعَها مِنْ زِيارتِهما؛ لأنهُ لا طاعَةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ الخالِقِ، إلَّا معَ ظَنِّ حُصولِ ضَررٍ يُعرَفُ بقرائِنِ الحالِ بسَببِ زِيارتِهما (١).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: وللزَّوجِ مَنعُ الزَّوجةِ مِنْ الخُروجِ مِنْ مَنزلِه، فإذا نهاها لم تَخرجْ لعِيادةِ مَريضٍ مَحرَمٍ لها أو شُهودِ جِنازتِه، فأمَّا عندَ الإطلاقِ فهل لها أنْ تَخرجَ لذلكَ إذا لم يَأذنْ
(١) «المغني» (٧/ ٢٢٤، ٢٢٥)، و «الكافي» (٣/ ١٢٣)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٦٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣١٥، ٣١٦)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٤٨، ٣٤٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٥٧).