للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا الحُكمُ لو تَزوَّجَ مُسلِمةً تَعتقدُ إباحةَ يَسيرِ النَّبيذِ، هل له منْعُها منهُ؟ على وَجهينِ، ومَذهبُ الشَّافعيِّ على نَحوٍ مِنْ هذا الفَصلِ كُلِّه (١).

واتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ للزَّوجِ إجبارُ زوْجتِه على إزالَةِ الوسَخِ وشَعرِ الإبطِ والعانةِ والظُّفْرِ، وعلى اجتِنابِ تَناوُلِ المُؤذِياتِ لَحمِ الخِنزيرِ والخَمرِ، وكذا النَّبيذُ وغَيرُه ممَّا يُسكِرُ وإنْ لَم تَسكَرْ به وإنْ استَحلَّتْهُ المُسلمةُ -أي اعتَقدَتْ حِلَّه-، وعلى غَسلِ ما تَنجَّسَ مِنْ أعضائِها ليَتمكَّنَ مِنْ الاستِمتاعِ بها، بخِلافِ ما تَنجَّسَ مِنْ ثِيابها ولم يَظهرْ فيهِ لَونٌ أو رِيحٌ كَريهٌ.

ولهُ مَنعُها مِنْ لِبسِ جِلدِ مَيتةٍ قَبْلِ الدِّباغِ ولبسِ ثَوبٍ كَريهٍ -أي له رِيحٌ كَريهٌ- كأكلِ ما لهُ رِيحٌ كَريهٌ (٢).

واختلفَ الفُقهاءُ هل لهُ أنْ يَمنعَها مِنْ أكلِ ما لهُ رائحةٌ كَريهةٌ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمَالكيةُ والشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ له أنْ يَمنعَها مِنْ أكلِ ما لهُ رائِحةٌ كَريهةٌ وما يَتأذَّى مِنْ رائحَتِه؛ لأنهُ يَمنعُ كَمالَ الاستِمتاعِ.

قالَ الحَنفيةُ: لهُ جَبْرُها على التَّطيُّبِ والاستِحدادِ، ولهُ أنْ يَمنعَها مِنْ أكلِ ما يتَأذَّى مِنْ رائحتِهِ ومِن الغَزْلِ، وعلى هذا له أنْ يَمنعَها مِنْ التَّزيُّنِ بما


(١) «المغني» (٧/ ٢٢٤).
(٢) «البحر الرائق» (٣/ ١١١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٨٧)، و «البيان» (٩/ ٤٩٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ١٦١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>