لأنه يَمنعُ مِنْ الوطءِ، كما نصَّ على ذلكَ الشَّافعيةُ والمالِكيةُ في قولٍ والحَنابلةُ؛ لأنهُ يَمنعُ الاستِمتاعَ الَّذي هو حَقٌّ لهُ، فمَلَكَ إجبارَها على إزالةِ ما يَمنعُ حقَّه.
وإنْ كانَ الغُسلِ لا يُجزِئُ إلَّا بنيَّةٍ؛ لأنَّ النِّيةَ إنَّما تُشتَرطُ في صحَّةِ الغُسلِ للصَّلاةِ، وأمَّا للوطءِ في حقِّ الزَّوجِ فلا؛ لأنهُ مُتعبَّدٌ بذلكَ فيها مأمورٌ باغتِسالِها قبلَ الوَطءِ، وما كانَ مِنْ العِباداتِ يَفعلُها المُتعبَّدُ في غَيرِه لم يَفتقِرْ في ذلكَ إلى نيَّةِ، كغُسلِ الميِّتِ وغَسلِ الإناءِ سَبعًا مِنْ وُلوغِ الكلبِ فيهِ، ومَن وَضَّأَ غيرَه فلا نيَّةِ على المُوضِّئِ وإنَّما النِّيةُ على المُوضَّأِ، وكذلكَ لو كانَتْ لرَجلٍ زَوجةٌ مُسلِمةٌ فأبَتْ الاغتِسالَ مِنْ الحَيضةِ لجازَ لهُ أنْ يَطأَها إذا أكرَهَها على الاغتِسالِ وإنْ لم يكُن لها فيهِ نِيةٌ، وكانَتْ هي قد خَرجَتْ دُونَه في ذلكَ، ولَزمَها أنْ تَغتسلَ غُسلًا آخَرَ للصَّلاةِ بنيَّةٍ؛ إذ لا يُجزئُها الغُسلُ الَّذي أُكرهَتْ عليهِ إذا لم يكنْ لها فيهِ نيَّةٌ.
ولأنَّ في غُسلِها مِنْ الحَيضِ حَقَّانِ: أحَدُهما: للهِ تعالَى لا يَصحُّ إلَّا بنيَّةٍ، والآخَرُ: للزَّوجِ يَصحُّ بغيرِ نِيةٍ، فكانَ لهُ إجبارُها في حقِّ نَفسِه لا في حقِّ اللهِ تعالَى، فلذلكَ أجزَى بغيرِ نِيةٍ، ألَا تَرى أنهُ يُجبِرُ زوْجتَه المَجنونةَ على الغُسلِ في حَقِّ نَفسِه وإنْ لَم يكنْ عَليها في حَقِّ اللهِ تعالَى غُسلٌ، وغيرُ ذاتِ الزَّوجِ تَغتسلُ في حقِّ اللهِ تعالَى وإنْ لم يكنْ للزَّوجِ عليها حَقٌّ.
وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنهُ ليسَ لهُ إجبارُها على الغُسلِ مِنْ الحَيضِ.