للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ النَّوويُّ : في هذا الحَديثِ إشارةٌ إلى أنهُ لا يَفتَاتُ على الزَّوجِ بالإذنِ في بَيتِه إلَّا بإذنِه، وهو مَحمولٌ على ما لا تَعلمُ رِضَا الزَّوجِ به، أما لو عَلمَتْ رِضَا الزَّوجِ بذلكَ فلا حرَجَ عليها، كمَن جَرَتْ عادتُه بإدخالِ الضِّيفانِ مَوضِعًا مُعَدًّا لهم، سواءٌ كانَ حاضِرًا أم غائِبًا، فلا يَفتقِرُ إدخالُهم إلى إذنٍ خاصٍّ لذلكَ، وحاصِلُه أنهُ لا بُدَّ مِنْ اعتبارِ إذنِه تَفصيلًا أو إجمالًا.

قَولُه: «إلَّا بإذنِه» أي الصَّريحِ، وهل يَقومُ ما يَقترنُ به علامةُ رِضاهُ مَقامَ التَّصريحِ بالرِّضا؟ فيهِ نَظرٌ (١).

وقالَ الإمامُ بَدرُ الدِّينِ العَينيُّ : قَولُه: «ولا تأذَن في بَيتِه» أي: لا تأذَن المرأةُ في بَيتِ زَوجِها لا لرَجلٍ ولا لامرأةٍ يَكرهُها زَوجُها؛ لأنَّ ذلكَ يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ ويَبعثُ على الغَيرةِ الَّتي هي سَببُ القَطيعةِ، وفي روايةِ مُسلمٍ مِنْ طَريقِ هَمَّامٍ عن أبي هُريرةَ: «وهو شاهِدٌ إلَّا بإذنِه»، وهذا القَيدُ لا مَفهومَ له، بلْ خَرجَ مَخرجَ الغالِبِ، وإلَّا فغَيبةُ الزَّوجِ لا تَقتَضي الإباحةَ للمرأةِ أنْ تأذَنَ لمَن يَدخلُ بَيتَه، بل يَتأكَّدُ حِينئذٍ عليها المَنعُ؛ لوُرودِ الأحاديثِ الصَّحيحةِ في النَّهيِ عنِ الدُّخولِ على المُغيَّباتِ، أي: مَنْ غابَ زَوجُها، وأمَّا عِنْدَ الدَّاعِي للدُّخولِ عليها للضَّرورةِ كالإذنِ لشَخصٍ في دُخولِ مَوضعٍ مِنْ حُقوقِ الدَّارِ الَّتي هي فيها أو إلى دارٍ مُنفرِدةٍ عَنْ مَسكنِها


(١) «فتح الباري» (٩/ ٢٩٦)، و «شرح صحيح مسلم» (٧/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>