للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمرأةِ أنْ تَصومَ وزَوجُها شاهِدٌ إلَّا بإذنِه، ولا تأذَنَ في بَيتِه إلَّا بإذنِه» (١).

وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: «ولا تأذَنْ في بَيتِه وهو شاهدٌ إلَّا بإذنِه» (٢).

قالَ المُهلَّبُ : قَولُه: «لا تأذَن في بَيتِ زَوجِها إلَّا بإذنِه» يَعني لا لرَجلٍ ولا لامرأةٍ يَكرهُها زَوجُها، فإنَّ ذلكَ يُوجِبُ سُوءَ الظَّنِّ ويَبعثُ الغَيرةَ الَّتي هي سَببُ القَطيعةِ، ويَشهدُ لهذا قَولُه : «انظُرنَ ما أخواتُكنَّ»، وإنْ كانَ الإذنُ للنِّساءِ أخَفَّ مِنْ الإذنِ للرِّجالِ (٣).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ : قَولُه: «ولا تأذَنُ في بَيتِه» زادَ مُسلِمٌ مِنْ طَريقِ هَمَّامٍ عن أبي هُريرةَ: «وهو شاهِدٌ إلَّا بإذنِه»، وهذا القَيدُ لا مَفهومَ له، بل خَرَجَ مَخرجَ الغالِبِ، وإلِّا فغَيبةُ الزَّوجِ لا تَقتَضي الإباحةِ للمَرأةِ أنْ تأذَنَ لمَن يَدخلُ بَيتَه، بلْ يَتأكَّدُ حينئذٍ عليها المَنعُ؛ لثُبوتِ الأحاديثِ الوارِدةِ في النَّهيِ عنِ الدُّخولِ على المُغيَّباتِ، أيْ مَنْ غابَ عنها زَوجُها، ويَحتملُ أنْ يكونَ لهُ مَفهومٌ، وذلكَ أنهُ إذا حَضَرَ تَيسَّرَ استِئذانُه، وإذا غابَ تَعذَّرَ، فلو دَعتِ الضَّرورةُ إلى الدُّخولِ عليها لم تَفتقِرْ إلى استِئذانِه لتَعذُّرِه، ثمَّ هذا كلُّه فيما يَتعلَّقُ بالدُّخولِ عليها، أمَّا مُطلَقُ دُخولِ البَيتِ بأنْ تأذَنَ لشَخصٍ في دُخولِ مَوضعٍ مِنْ حُقوقِ الدَّارِ الَّتي هي فيها أو إلى دارٍ مُنفرِدةٍ عن سَكَنِها، فالَّذي يَظهرُ أنهُ مُلتحِقٌ بالأوَّلِ.


(١) رواه البخاري (٤٨٩٩)، ومسلم (١٠٢٦).
(٢) رواه مسلم (١٠٢٦).
(٣) «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>