للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَولَى دَرجاتِ الواحِدةِ أنْ لا يُخلِّيَها كلَّ أربَعِ لَيالٍ عنْ ليلةٍ؛ اعتِبارًا بمَن له أربَعُ زَوجاتٍ، والأَولَى أنْ يَنامَا في فِراشٍ واحدٍ إذا لم يَكنْ لأحَدِهما عُذرٌ في الانفِرادِ، سِيَّما إذا عرفَ حِرصَها على ذلكَ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ -وهي رِوايةُ الحسَنِ عن أبي حَنيفةَ- إلى أنَّه يَجبُ عليهِ أنْ يَبيتَ عندَها لَيلةً مِنْ كلِّ أربَعٍ.

قالَ الحَنابلةُ: ويَجبُ على الزَّوجِ أنْ يَبيتَ في المَضجَعِ لَيلةً مِنْ كُلِّ أربَعِ لَيالٍ عندَ الحُرَّةِ؛ لمَا رَوى كَعبُ بنُ سَوَّارٍ أنَّه كانَ جالِسًا عندَ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ فجاءَتِ امرأةٌ فقالَتْ: يا أميرَ المُؤمنينَ ما رأيْتُ رَجلًا قَطُّ أفضَلَ مِنْ زَوجِي، واللَّهِ إنه لَيَبيتُ ليلَهُ قائِمًا ويَظلُّ نهارَه صائِمًا، فاستَغفرَ لها وأثنَى عليهَا، واستَحْيَتِ المرأةُ وقامَتْ راجِعةً، فقالَ كَعبٌ: يا أميرَ المُؤمنينَ هَلَّا أَعْدَيْتَ المرأةَ على زَوجِها، فقالَ: وما ذاكَ؟ فقالَ: إنها جاءَتْ تَشكوهُ؛ إذا كانَ هذا حالُه في العِبادةِ متى يَتفرَّغُ لها، فبعَثَ عُمرُ إلى زَوجِها، وقالَ لكَعبٍ: اقْضِ بَينَهما، فإنَّكَ فَهمْتَ مِنْ أمرِهما ما لم أفهَمْه، قالَ: فإنِّي أرَى أنهَا امرأةٌ عليها ثلاثُ نِسوةٍ وهي رابعَتُهنَّ، فأقضِي له بثلاثةِ أيَّامٍ ولَياليهنَّ يَتعبَّدُ فيهنَّ، ولها يَومٌ ولَيلةٌ، فقالَ عُمرُ: واللَّهِ ما رَأيُكَ الأوَّلُ بأَعجَبَ إليَّ مِنْ الآخَرِ، اذهَبْ فأنتَ قاضٍ على البَصرةِ، وفي لفظٍ قالَ:


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ٢٠٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٩٩)، و «الديباج» (٣/ ٣٥٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤١٢)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>