سفَلةِ الناسِ على شيءٍ مِنْ الطَّعامِ أو غيرِه، ولأنَّ في هذا دَناءةٌ، واللهُ يُحبُّ مَعاليَ الأمورِ ويَكرهُ سَفسافَها.
فأمَّا خبَرُ البَدناتِ فيَحتملُ أنَّ النبيَّ ﷺ عَلِمَ أنه لا نُهبةَ في ذلكَ؛ لكَثرةِ اللَّحمِ وقلَّةِ الآخِذينَ، أو فعَلَ ذلكَ لاشتغالِه بالمَناسكِ عن تَفريقِها.
وفي الجُملةِ فالخِلافُ إنما هو في كَراهيةِ ذلكَ، وأمَّا إباحتُه فلا خِلافَ فيها ولا في الالتِقاطِ؛ لأنه نَوعُ إباحةٍ لمالِه، فأشبَهَ سائرَ الإباحاتِ.
مَسألةٌ: قالَ: (فإنْ قَسمَ على الحاضِرينَ فلا بأسَ بأخذِه)
كذا رُويَ عن أبي عبدِ اللهِ ﵀ أنَّ بعضَ أولادِه حذَقَ فقسَمَ على الصبيانِ الجوزَ، وأمَّا إذا قسَمَ على الحاضِرينَ ما يُنثَرُ مثلَ اللوزِ والسُّكرِ وغيرِه فلا خِلافَ أنَّ ذلكَ حسَنٌ غيرُ مَكروهٍ، وقد رُويَ عن أبي هُريرةَ قالَ:«قسَمَ النبيُّ ﷺ يَومًا بين أصحابِه تَمرًا، فأعطَى كلَّ إنسانٍ سبْعَ تَمراتٍ، فأعطاني سبعَ تمَراتٍ إحداهُنَّ حَشفةٌ لم تكنْ تَمرةٌ أعجَبُ إليَّ منها شدَّتْ إلى مَضاغِي» رواه البخاريُّ.
وكذلكَ إنْ وضَعَه بينَ أيديهِم وأَذِنَ لهم في أخذِه على وجهٍ لا يَقعُ تَناهبٌ فلا يُكرهُ أيضًا.