تَصحُّ الصَّلاةُ إلَّا بها؛ لأنَّها كبَقيَّةِ الفاتِحةِ، قالَ الشافِعيُّ والأصحابُ: ويُسنُّ الجَهرُ بالبَسمَلَةِ في الصَّلاةِ الجَهريَّةِ في الفاتِحةِ، وفي السُّورةِ، وهذا لا خِلافَ فيه عندَنا.
فَرعٌ في مَذاهبِ العُلماءِ في إثباتِ البَسمَلَةِ وعدمِه: اعلَم أنَّ مَسألةَ البَسمَلَةِ عَظيمةٌ مُهِمَّةٌ، يَنبَني عليها صحَّةُ الصَّلاةِ التي هي أعظَمُ الأركانِ بعدَ التَّوحيدِ، ولهذا المَحَلِّ الأعلى الذي ذَكَرتُه مِنْ وَصفِها اعتنَى العُلماءُ مِنْ المُتقدِّمينَ والمُتأَخِّرينَ بشَأنِها، وأكثرُوا التَّصانيفَ فيها مُفرَدةً، وقد جَمعَ الشَّيخُ أبو مُحمدٍ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ المَقدِسِيُّ الدِّمَشقِيُّ ذلك في كتابِه المَشهورِ، وحَوَى فيه مُعظَمَ المُصَنَّفاتِ في ذلك في مُجلَّدٍ كَبيرٍ، وأنا -إن شاءَ اللهُ تَعالى- أذكُرُ هنا جَميعَ مَقاصِدِه مُختَصَرةً، وأضُمُّ إليها تَتِمَّاتٍ لا بدَّ منها، فأقُولُ: قد ذكَرنا أنَّ مَذَهبنا أنَّ البَسمَلَةَ آيَةٌ مِنْ أوَّلِ الفاتِحةِ بلا خِلافٍ، فكذلك هي آيَةٌ كامِلةٌ مِنْ أوَّلِ كلِّ سُورةٍ غيرِ ﴿بَرَاءَةٌ﴾، على الصَّحِيحِ مِنْ مَذهبِنا، كما سبقَ، وبهذا قالَ خَلائِقُ لا يُحصَونَ مِنْ السَّلفِ (١).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ ﵀: وقد تَنازَعَ العُلماءُ هل هي آيَةٌ أو بَعضُ آيَةٍ مِنْ كلِّ سُورةٍ، أو ليست مِنْ القُرآنِ إلا في سُورةِ النَّملِ أو هي آيَةٌ مِنْ كتابِ اللهِ، حيثُ كُتِبت في المَصاحِفِ، وليست مِنْ السُّوَرِ، على ثَلاثةِ أقوالٍ، والقولُ الثَّالثُ هو أوسَطُ الأقوالِ، وبه تَجتَمِعُ الأدلَّةُ؛ فإنَّ كتابَةَ