للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يُدعَى إليها الأغنياءُ ويُتركُ الفُقراءُ، ولم يُرِدْ أنَّ كلَّ وَليمةٍ طَعامُها شَرُّ الطعامِ؛ فإنه لو أرادَ ذلكَ لَمَا أمَرَ بها ولا ندَبَ إليها ولا أمَرَ بالإجابةِ إليها ولا فعَلَها، ولأنَّ الإجابةَ تَجبُ بالدَّعوةِ، فكُلُّ مَنْ دُعيَ فقدْ وجَبَتْ عليهِ الإجابةُ.

فإنْ كانَ صائمًا صَومًا واجِبًا لا يَجوزُ له بالاتِّفاقِ أنْ يُفطِرَ، بل يَجيبُ الدعوةَ ويَدعُو لصاحِبِ الوليمةِ.

وإنْ كانَ صَومًا نفلًا فاختُلفَ فيه:

فعِندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ: لا يَجوزُ له الإفطارُ؛ لأنَّ الصومَ يَجبُ بالشُّروعِ فيهِ كما تقدَّمَ في كِتابِ الصيامِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)[محمد: ٣٣].

وعَن أبي هُريرةَ مَرفوعًا: «إذا دُعِيَ أحَدُكم فلْيُجِبْ، فإنْ كانَ صائمًا فلْيَدْعُ، وإنْ كانَ مُفطِرًا فلْيَطعَمْ» (١).

ويُستحَبُّ إعلامُهم بصيامِه؛ لأنه يُروَى عن عُثمانَ وابنِ عُمرَ ولِيَعلموا عُذرَه وتَزولَ التُّهمةُ.

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ: لا تَسقطُ إجابةُ الدَّعوةِ بصَومٍ، فإنْ شَقَّ على الداعِي صَومُ نَفلٍ فالفِطرُ له أفضلُ مِنْ إتمامِ الصَّومِ ولو آخِرَ النهارِ؛ لجَبْرِ خاطرِ الداعِي؛ لِمَا رُويَ «أنه كانَ في دَعوةٍ وكانَ معَه جَماعةٌ، فاعتَزلَ رَجلٌ مِنْ القَومِ ناحيةً، فقالَ : «دَعاكُم أخوكُم


(١) رواه مسلم (١٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>