للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّافعيةُ: إنْ تَزوَّجَها على شَرطِ أنْ يُطلِّقَ ضَرَّتَها صحَّ النِّكاحُ وفسَدَ الشَّرطُ، ويَجبُ لها مَهرُ المِثلِ، سواءٌ زادَ عنِ المُسمَّى أو نقَصَ أو ساواه (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : مالكٌ عن أبي الزِّنادِ عنِ الأعرَجِ عن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «لا تَسألِ المَرأةُ طلاقَ أُختِها لِتَستَفرِغَ صَحْفتَها، ولْتَنكحْ فإنَّ لها ما قُدِّرَ لها» (٢).

في هذا الخبَرِ مِنْ الفقهِ أنهُ لا يَنبغِي أنْ تَسألَ المرأةُ زوْجَها أنْ يُطلِّقَ ضَرَّتَها لتَنفرِدَ به، فإنِّما لها ما سبَقَ بهِ القَدَرُ عليها لا يَنقصُها طلاقُ ضَرَّتِها شَيئًا ممَّا جَرى بهِ القَدَرُ لها ولا يَزيدُها، وقالَ الأخفَشُ: كأنهُ يُريدُ أنْ تُفرِغَ صَحْفةَ تلكَ مِنْ خَيرِ الزَّوجِ وتأخذَهُ هي وحْدَها.

قالَ أبو عُمرَ: وهذا الحَديثُ مِنْ أحسَنِ أحاديثِ القَدَرِ عندَ أهلِ العِلمِ والسُّنةِ، وفيهِ أنَّ المَرءَ لا يَنالُه إلَّا ما قُدِّرَ له، قالَ اللهُ ﷿: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة: ٥١]، والأَمرُ في هذا واضِحٌ لمَن هَداهُ اللهُ، والحَمدُ للهِ.

وفِقهُ هذا الحَديثِ: أنهُ لا يَجوزُ لامرَأةٍ ولا لوَليِّها أنْ يَشتَرطَ في عَقدِ نِكاحِها طلاقَ غَيرِها، ولهذا الحَديثِ وشبهِه استَدلَّ جماعةٌ مِنْ العُلماءِ بأنَّ شرْطَ المرأةِ على الرَّجلِ عندَ عَقدِ نِكاحِها أنها إنِّما تَنكحُه على أنَّ كلَّ مَنْ


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ١٢٦).
(٢) رواه البخاري (٦٢٢٧)، ومسلم (١٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>