للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرفعَها إلى حاكِمٍ يُبطِلُه، فالحِيلةُ في تَصحيحِه: أنْ تُلزمَه عِنْدَ العَقدِ بأنْ يَقولَ: «إنْ تَزوَّجتُ عليكِ امرأةً فهيَ طالقٌ»، وهذا الشَّرطُ يَصحُّ، وإنْ قُلنا: «لا يَصحُّ تَعليقُ الطَّلاقِ بالنِّكاحِ» نَصَّ عليهِ أحمَدُ؛ لأنَّ هذا الشَّرطَ لمَّا وجَبَ الوَفاءُ به مِنْ مَنعِ التَّزويجِ بحَيثُ لو تَزوَّجَ فلها الخِيارُ بيْنَ المُقامِ معهُ ومُفارَقتِه جازَ اشتِراطُ طلاقِ مَنْ يَتزوَّجُها عليها كما جازَ اشتِراطُ عَدمِ نِكاحِها.

فإنْ لم تَتمَّ لها هذهِ الحِيلةُ فلْتأخُذْ شرْطَه أنهُ إنْ تَزوَّجَ عليها فأمرُها بيَدِها أو أمرُ الضَّرَّةِ بيَدِها، ويَصحُّ تَعليقُ ذلكَ بالشَّرطِ؛ لأنهُ تَوكيلٌ على الصَّحيحِ، ويَصحُّ تَعليقُ الوَكالةِ على الشَّرطِ على الصَّحيحِ مِنْ قَوليِ العُلماءِ، وهو قولُ الجُمهورِ ومالكٍ وأبي حَنيفةَ وأحمَدَ، كما يَصحُّ تَعليقُ الوِلايةِ على الشَّرطِ بالسُّنةِ الصَّحيحةِ الصَّريحةِ.

ولو قيلَ: «لا يَصحُّ تَعليقُ الوَكالةِ بالشَّرطِ» لَصَحَّ تَعليقُ هذا التَّوكيلِ الخاصِّ؛ لأنهُ يَتضمَّنُ الإسقاطَ، فهو كتَعليقِ الطَّلاقِ والعِتقِ بالشَّرطِ، ولا يُنتقَضُ هذا بالبَراءةِ؛ فإنهُ يَصحُّ تَعليقُها بالشَّرطِ، وقدْ فعَلَه الإمامُ أحمَدُ، وأصولُه تَقتضِي صحَّتَه، وليسَ عنهُ نَصٌّ بالمَنعِ، ولو سَلِمَ أنهُ تَمليكٌ لمْ يُمنعْ تَعليقُه بالشَّرطِ كما تُعلَّقُ الوَصيَّةُ، وأَولى بالجوازِ؛ فإنَّ الوصيَّةَ تَمليكُ مالٍ، وهذا ليسَ كذلكَ.

فإنْ لم تَتمَّ لها هذهِ الحِيلةُ فليَتزوَّجْها على مهرٍ مُسمًّى على أنهُ إنْ أخرَجَها مِنْ دارِها فلها مَهرُ مِثلِها وهو أضعافُ ذلكَ المُسمَّى، ويُقِرُّ الزَّوجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>