للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ : ولو نكَحَ بِكرًا أو ثيِّبًا بأمرِها على ألفٍ على أنَّ لها أنْ تَخرجَ متى شاءَتْ مِنْ مَنزلِه، وعلى أنْ لا تَخرجَ مِنْ بَلدِها، وعلى أنْ لا يَنكحَ عليها ولا يَتسرَّى عليها، أو أيِّ شَرطٍ ما شَرطَتْه عليهِ مِمَّا كانَ له إذا انعَقدَ النِّكاحُ أنْ يَفعلَه ويَمنعَها منه فالنِّكاحُ جائِزٌ والشَّرطُ باطِلٌ، وإنْ كانَ انتَقصَها بالشَّرطِ شَيئًا مِنْ مَهرِ مِثلِها فلها مَهرُ مِثلِها، وإنْ كانَ لم يُنقِصْها مِنْ مَهرِ مِثلِها بالشَّرطِ أو كانَ قدْ زادَها عليهِ وزادَها على الشَّرطِ أبطَلتُ الشَّرطَ ولم أجعَلْ لها الزِّيادةَ على مَهرِ مِثلِها ولم يَزِدْها على مَهرِ مِثلِها؛ لفَسادِ عَقدِ المَهرِ بالشَّرطِ الَّذي دخَلَ معهُ، ألَا ترَى لو أنَّ رَجلًا اشتَرَى عَبدًا بمِائةِ دينارٍ وزِقِّ خَمرٍ فرَضيَ رَبُّ العَبدِ أنْ يأخُذَ المِائةَ ويُبطِلَ الزِّقَّ الخَمرَ لم يكنْ ذلكَ لهُ؛ لأنَّ الثَّمنَ انعَقدَ على ما يَجوزُ وعلى ما لا يَجوزُ فبطَلَ ما لا يَجوزُ وما يَجوزُ، وكانَ لهُ قِيمةُ العَبدِ إنْ ماتَ في يَديِ المُشتَري.

ولو أصدَقَها ألفًا على أنْ لا يُنفِقَ عليها أو على أنْ لا يَقسِمَ لها أو على أنهُ في حِلٍّ ممَّا صنَعَ بها كانَ الشَّرطُ باطِلًا، وكانَ له إنْ كانَ صَداقُ مِثلِها أقلَّ مِنَ الألفِ أنْ يَرجعَ عليها حتَّى يُصيِّرَها إلى صَداقِ مِثلِها؛ لأنها شَرطَتْ له ما ليسَ لهُ فزادَها ممَّا طرَحَ عن نَفسِه مِنْ حقِّها، فأبطَلتُ حصَّةَ الزِّيادةِ مِنْ مَهرِها ورَدَّدتُها إلى مَهرِ مِثلِها.

فإنْ قالَ قائِلٌ: فلِمَ لا تُجيزُ عليهِ ما شرَطَ لها وعليها ما شَرطَتْ له؟

قيلَ: رَددْتُ شَرطَهُما إذ أبطَلا بهِ ما جعَلَ اللهُ لِكلِّ واحدٍ ثمَّ ما جعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>