للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ جَميعَ ما في المُصحَفِ بخَطِّه قُرآنٌ في مَوضِعِه، قُلنا: النَّاقِلونَ لِلمُصحَفِ لم يُجمِعوا على أنَّها مِنْ كلِّ سُورةٍ، بل أكثرُهم يَقولُ: إنَّها ليست منها، وإنَّما جُعِلت فَصلًا بينَ السُّورَتَينِ.

فإن قيلَ: حُدوثُ الاختِلافِ لا يَنفِي الإجماعَ، قُلنا: ووجودُ الاختِلافِ يَمنَعُ ادِّعاءَ الإجماعِ، ولأنَّ الاتِّفاقَ حاصِلٌ على أنَّ النَّبيَّ بينَ القُرآنَ بَيانًا واحدًا مُتساوِيًا على وَجهٍ تَقومُ به الحُجةُ، ويَنقَطِعُ به العُذرُ، وإنَّ عادَتَه في البَيانِ لم تكُن مُختَلِفةً بأن يُبَيِّنَ بَعضَه على هذا الوَجهِ، وبَعضَه بَيانًا خَفيفًا يُلقيه إلى الواحدِ والاثنَينِ، وبهذا قَطَعنا بمَنعِ تَجويزِ أن يَكونَ قد بَقيَ شَيءٌ مِنْ القُرآنِ لم يُنقَل إلينا، أو يَكونَ بَعضُ آحادِ الصَّحابةِ أثبَتَ ما لم يثبُت في المُصحَفِ، وقَطَعنا ببُطلانِ ادِّعاءِ الرَّافِضِيَّةِ الطَّاعِنينَ على المُصحَفِ المُجمَعِ عليه بأنَّ القُرآنَ حِملُ جَمَلٍ، وأنَّه عندَ الإمامِ الذي هو عندَهم إمامُ الزَّمانِ. وإذا ثَبت ذلك فلو كانت مِنْ الحَمدِ لَكانَ بيَّنها بَيانًا شائِعًا مُتَواتِرًا، ولو كانَ فعلَ ذلك لم يَقع خِلافٌ، كما لم يَقعِ الخِلافُ في أنَّ ما في السُّورةِ منها، هذا هو العُمدةُ مع الذي قبلَه مِنْ الاستِدلالِ.

فأمَّا مِنْ طَريقِ أخبارِ الآحادِ فيما يتعلَّقُ بأجزاءِ الصَّلاةِ، مع عدمِ قِراءَتِها فيما رُويَ عنه أنَّه قالَ: «إنَّ اللهَ ﷿ يَقولُ: قَسَمتُ الصَّلاةَ بَينِي وبينَ عَبدي نِصفَينِ، فنِصفُها لي، ونِصفُها لِعَبدي، ولِعَبدي ما سألَ، فإذا قالَ العَبدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [﴿: ٢]، يَقولُ اللهُ: حَمِدَني عَبدي … إلى أن قالَ: فإذا قالَ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [﴿: ٥]، يَقولُ اللهُ ﷿: هذه الآيةُ نِصفُها لي، ونِصفُها لِعَبدي، ولِعَبدي ما سألَ»، ففي هذا دَليلانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>