ولو دفَعَ لمَخطوبتِه قبْلَ العَقدِ مالًا وقالَ: «جَعلتُه مِنْ الصَّداقِ الَّذي سيَجبُ بالعَقدِ، أو مِنْ الكسوةِ الَّتي ستَجبُ بالعَقدِ والتَّمكِينِ» وقالَتْ: «بل هي هَديَّةٌ» فالَّذي يَتَّجهُ تَصديقُها؛ إذْ لا قَرينةَ هُنا على صِدقِه في قَصدِه (١).
قالَ الإمامُ الماوَردِيُّ ﵀: قالَ الشَّافعيُّ: «فإنْ قالَتِ المرأةُ: «الَّذي قَبضْتُ هديَّةٌ» وقالَ: «بل هو مَهرٌ» فقَدْ أقرَّتْ بمالٍ وادَّعتْ مِلكَه فالقولُ قَولُه».
قالَ الماوَردِيُّ: وهذا كما قالَ، إذا دفَعَ الزَّوجُ إليها مالًا ثمَّ اختَلفَا فيهِ فقالَتِ الزَّوجةُ: «أخذْتُه هِبةً وصَداقي باقٍ» وقالَ الزَّوجُ: «بل دَفعْتُه صَداقًا» فالقَولُ قولُ الزَّوجِ، سَواءٌ كانَ مِنْ جِنسِ الصَّداقِ أو مِنْ غَيرِه، وسواءٌ كانَ ممَّا جرَتِ العادةُ بمُهاداةِ الزَّوجِ بمِثلِه أم لا.
وقالَ مالِكٌ: إنْ كانَ مِمَّا جرَتِ العادةُ أنْ يهديَه الزَّوجُ للزَّوجةِ كالثَّوبِ والمَقْنَعةِ والطِّيبِ والحُليِّ فالقولُ قولُها معَ يَمينِها؛ اعتِبارًا بالعُرفِ، ولها المُطالَبةُ بمَهرِها. وهذا خَطأٌ؛ لأنَّ الأموالَ لا تُتَملَّكُ على أربابِها بالدَّعاوى، ولأنها لوِ ادَّعتْ هِبةَ ذلكَ وقدْ قَبضَتْ مَهرَها لم يُقبلْ قَولُها، فكذلكَ قبْلَ قَبضِه، وقد مَضى الجَوابُ عمَّا استَدلَّ بهِ مِنْ العُرفِ.
فإذا ثبتَ أنَّ القولَ قَولُ الزَّوجِ دُونَها، فإنِ ادَّعتْ أنَّه صرَّحَ لها بالهِبةِ كانَ لها إحلافُه، فيكونُ القَولُ قولَه معَ يَمينِه، فإنْ نكَلَ عنِ اليَمينِ رُدَّتْ
(١) «إعانة الطالبين» (٣/ ٦٤٣، ٦٤٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute