قولِ أبي يُوسفَ وأبي حَنيفةَ، خِلافًا لمُحمدٍ؛ بناءً على أنَّ الزِّيادةَ المُتَّصلةَ لا تَمنعُ التَّنصيفَ عِندَهما، وعِندَه تَمنعُ، وإذا باعَتْه المَهرَ أو وَهبَتْه على عِوضٍ ثمَّ طلَّقَها رجَعَ عليها بمِثلِ نِصفِه فيما له مِثلٌ، وبنِصفِ القِيمةِ فيما لا مِثلَ لهُ؛ لأنَّ المَهرَ عادَ إلى الزَّوجِ بسَببٍ يَتعلَّقُ بهِ الضَّمانُ، فوجَبَ له الرُّجوعُ، وإذا ثبَتَ له الرُّجوعُ ضمنَها كما لو باعَتْه مِنْ أجنَبيٍّ ثمَّ اشتَراهُ الزَّوجُ مِنْ الأجنَبيِّ، ثُمَّ إنْ كانَتْ باعَتْ قبْلَ القَبضِ فعليها نِصفُ القِيمةِ يَومَ البَيعِ؛ لأنه دخَلَ في ضَمانها بالبَيعِ، وإنْ كانَتْ قَبضَتْ ثمَّ باعَتْ فعليها نِصفُ القِيمةِ يَومَ القَبضِ؛ لأنهُ دخَلَ في ضَمانها بالقَبضِ (١).
وقالَ المالِكيَّةُ: الزَّوجَةُ المالِكةُ لأمرِ نَفسِها إذا وَهبَتْ صَداقَها المُسمَّى لزَوجِها قبْلَ البِناءِ أو وَهبَتْ لهُ ما يَتزوَّجُها بهِ ففعَلَ فإنَّ الهِبةَ صَحيحةٌ، لَكنْ يُجبَرُ على أنْ يَدفعَ لها مِنْ مالِهِ أقلَّ الصَّداقِ قبْلَ أنْ يَبنيَ بها، وهوَ رُبعُ دِينارٍ أو ثلاثةُ دَراهمَ خالِصةٍ؛ لاحتِمالِ التَّواطؤِ على تَركِ الصَّداقِ فيُعرَّى البُضعُ عنِ الصَّداقِ بالكُلِّيةِ، وليسَ على الزَّوجِ شيءٌ إنْ طلَّقَ قبْلَ البناءِ، ومَحلُّه ما لم تَقبضِ الصَّداقَ، فإنْ قَبضَتْه ثمَّ وَهبَتْه لهُ فإنهُ لا يُجبَرُ على دَفعِ أقلِّهِ، كهِبتِه بعْدَ البِناءِ.
وإذا وَهبَتْ لزَوجِها صَداقَها كُلَّه أو بَعضَه بعْدَ البِناءِ فإنهُ إذا طلَّقَها بعْدَ ذلكَ لَم تَرجعْ عليهِ بشيءٍ مِنه، وكذلكَ إذا وَهبَتْ لهُ بَعضَ صَداقِها قبْلَ البِناءِ، فإنَّ البَعضَ الباقي هوَ الصَّداقُ، فإنْ كانَ رُبعَ دينارٍ أو ثلاثةَ دَراهمَ