للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ أبو جَعفَرٍ الطَّحاويُّ : فلمَّا ثَبت عن رَسولِ اللهِ ، وعَمَّن ذكَرنا بعدَه تَركُ الجَهرِ ب ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ثَبت أنَّها ليست مِنْ القُرآنِ، ولو كانَت مِنْ القُرآنِ لَوجبَ أن يَجهَرَ بها كما يَجهَرُ بالقُرآنِ سِواها، ألَا تَرَى أنَّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ التي في النَّملِ يُجهَرُ بها كما يُجهَرُ بغيرِها مِنْ القُرآنِ؛ لأنَّها مِنْ القُرآنِ؟ فلمَّا ثَبت أنَّ التي قبلَ فاتِحةِ الكتابِ يُخافَتُ بها ويُجهَرُ بالقُرآنِ، ثَبت أنَّها ليست مِنْ القُرآنِ، وثَبت أن يُخافِتَ بها ويُسِرَّ كما يُسِرُّ التَّعوُّذَ والافتِتاحَ، وما أشبَهَهُما، وقد رأيناها أيضًا مَكتوبةً في فَواتِحِ السُّوَرِ في المُصحَفِ في فاتِحةِ الكتابِ، وفي غيرِها، وكانَت في غيرِ فاتِحةِ الكتابِ ليست بآيَةٍ، ثَبت أيضًا أنَّها في فاتِحةِ الكتابِ ليست بآيَةٍ، وهذا الذي ثَبت مِنْ نَفيِ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أن تَكونَ مِنْ فاتِحةِ الكتابِ، ومَن نَفَى الجَهرَ بها في الصَّلاة أبو حَنيفَةَ وأبو يُوسفَ ومُحمدُ بنُ الحَسنِ، (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: يُمنَعُ قِراءةُ البَسمَلَةِ في الصَّلاةِ المَكتوبةِ، جَهرًا كانَت أو سِرًّا، لا في استِفتاحِ أُمِّ القُرآنِ، ولا في غيرِها مِنْ السُّوَرِ، وأجازَ قِراءَتَها في النَّافِلةِ.

واحتَجوا على ذلك بحَديثِ أنَس بنِ مالِكٍ أنَّه قالَ: «إنَّ النَّبيَّ وَأَبا بَكرٍ وَعمرَ كانُوا يَفتَتِحُونَ الصَّلاةَ بِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ


(١) «شرح معاني الآثار» (١/ ٢٠٤)، و «التجريد» للقدوري (٢/ ٤٩٩، ٥٠٢)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ١٢٨)، و «عُمدة القاري» (٥/ ٢٩١)، و «الدُّر المختار» (١/ ٤٩١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>