جِهتِه، عَلِمَ أو لم يَعلمْ، وإنْ كانَ مِمَّنْ لا يَجوزُ له أنْ يَراها كابْنِ العَمِّ والمَولَى وعَلِمَ غَرِمَ، وإنْ أنكَرَ ولم تَقُمْ بيِّنةٌ بإقرارِه فالقَولُ قَولُه، ويَرجعُ على المرأةِ بجَميعِ الصَّداقِ، وهذا قولُ مالكٍ، إلَّا أنهُ قالَ: إذا رَدَّتِ المَرأةُ ما أَخذَتْ ترَكَ لها قَدْرَ ما تُستحَلُّ بهِ؛ لِئلَّا تَصيرَ كالمَوهوبةِ، وللشَّافعيِّ قَولانِ كقَولِ مالِكٍ والقاضي.
ولنا على أنَّ الوليَّ إذا لم يَعلمْ لا يَغرمُ: أنَّ التَّغريرَ مِنْ غَيرِه، فلمْ يَغرمْ كما لو كانَ ابنَ عَمٍّ، وعلى أنهُ يَرجعُ بكُلِّ الصَّداقِ: أنهُ مَغرورٌ مِنها، فرجَعَ بكُلِّ الصَّداقِ كما لو غَرَّهُ الوليُّ، وقَولُهم:«لا يَخفَى على مَنْ يَراها» لا يَصحُّ؛ فإنَّ عُيوبَ الفَرْجِ لا اطِّلاعَ له عَليها ولا يَحلُّ له رُؤيتُها، وكذلكَ العُيوبُ تَحتَ الثِّيابِ، فصارَ في هذا كمَن لا يَراها، إلَّا في الجُنونِ؛ فإنهُ لا يَكادُ يَخفَى على مَنْ يَراها، إلَّا أنْ يكونَ غائبًا، وأمَّا الرُّجوعُ بالمَهرِ فإنهُ لسَببٍ آخرَ، فيكونُ بمَنزلةِ ما لو وَهبَتْه إياهُ، بخِلافِ المَوهوبةِ.
فَصلٌ: إذا طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ ثمَّ عَلِمَ أنهُ كانَ بها عَيبٌ فعَليهِ نِصفُ الصَّداقِ، ولا يَرجعُ بهِ؛ لأنهُ رَضيَ بالتِزامِ نِصفِ الصَّداقِ، فلمْ يَرجعْ على أحَدٍ.
وإنْ ماتَتْ أو ماتَ قبْلَ العِلمِ بالعَيبِ فلها الصَّداقُ كاملًا، ولا يَرجعُ على أحَدٍ؛ لأنَّ سبَبَ الرُّجوعِ الفَسخُ، ولمْ يُوجَدْ، وهاهُنا استَقرَّ الصَّداقُ بالموتِ، فلا يَرجعُ بهِ (١).