للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمَهرُ كلُّه يَسقطُ بأسبابٍ أربعةٍ، مِنها: الفُرقةُ بغَيرِ طَلاقٍ قبْلَ الدُّخولِ بالمرأةِ وقبْلَ الخَلوةِ بها، فكُلُّ فُرقةٍ حَصلَتْ بغَيرِ طلاقٍ قبْلَ الدُّخولِ وقبْلَ الخَلوةِ تُسقِطُ جَميعَ المَهرِ، سواءٌ كانَتْ مِنْ قِبَلِ المرأةِ أو مِنْ قِبَلِ الزَّوجِ، وإنَّما كانَ كذلكَ؛ لأنَّ الفُرقةَ بغَيرِ طلاقٍ تكونُ فَسخًا للعَقدِ، وفَسخُ العَقدُ قبْلَ الدُّخولِ يُوجِبُ سُقوطَ كُلِّ المهرِ؛ لأنَّ فسْخَ العَقدِ رفَعَه مِنْ الأصلِ وجعَلَه كأنْ لم يكنْ (١).

ومِن أمثِلةِ هذا النَّوعِ مِنْ الفُرقةِ عندَ الحَنفيةِ اختيارُ المَرأةِ نفْسَها لعَيبِ الجَبِّ والعُنَّةِ والخِصاءِ والخُنوثةِ (٢).

وقالَ ابنُ شاسٍ : وإنَّما يَسقطُ جَميعُ المَهرِ قبْلَ المَسيسِ بالفَسخِ أو باختيارِهِ رَدَّها لعَيبِها، وفي اختِيارِها لرَدِّهِ بعَيبه خِلافٌ؛ لأنهُ غارٌّ (٣).

وقالَ الشَّافِعيةُ: إذا كانَ الفِراقُ منها أو بسَببٍ فيها -بأنْ أسلَمَتْ أو ارتَدَّتْ أو فَسخَتِ النِّكاحَ بعِتقٍ أو عَيبٍ أو أرضَعَتْ زَوجةً أُخرَى له صَغيرةً أو فسَخَ النِّكاحَ بعَيبِها- فيَسقطُ جَميعُ المَهرِ؛ لأنَّ البُضعَ تَلفَ قبْلَ الدُّخولِ بسَببٍ مِنْ جِهتِها، فسقَطَ ما يُقابِلُه، كالمَبيعِ إذا تَلفَ قبْلَ القَبضِ (٤).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٩٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٣٦)، و «الهداية» (٢/ ٢٧)، و «الاختيار» (٣/ ١٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٥٢، ٣٥٣)، و «العناية» (٦/ ٩٠)، و «اللباب» (٢/ ٥١)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥٢٣).
(٣) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٨٢، ٤٨٣).
(٤) «البيان» (٩/ ٤٠٤، ٤٠٥)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٤٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٤١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٨٤)، و «الديباج» (٣/ ٣٣٢)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ١١٥، ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>