للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن فرَّقَ بيْنَ البِكرِ والثيِّبِ رَأى أنَّ الواطِئَ لم يُذهِبْ على الثيِّبِ شيئًا، وحَسْبُه العُقوبةُ التي تَرتَّبَتْ على فِعلِه، وهذهِ المَعصيةُ لا يُقابِلُها شَرعًا مالٌ يَلزمُ مَنْ أقدَمَ عليها، بخِلافِ البِكرِ؛ فإنهُ أزالَ بَكارتَها، فلا بُدَّ مِنْ ضَمانِ ما أزالَه، فكانَتْ هذهِ الجِنايةُ مَضمونةً عليهِ في الجُملةِ، فضَمِنَ ما أتلَفَه مِنْ جُزءِ مَنفعةٍ، وكانَتِ المَنفعةُ تابِعةً للجُزءِ في الضَّمانِ كما كانَتْ تابِعةً لهُ في عَدمِه مِنَ البِكرِ المُطاوِعةِ.

ومَن فرَّقَ بيْنَ ذَواتِ المَحارِمِ وغَيرِهنَّ رأَى أنَّ تَحريمَهنَّ لمَّا كانَ تَحريمًا مُستقِرًّا وأنهُنَّ غَيرُ مَحلِّ الوَطءِ شَرعًا كانَ استِيفاءُ هذهِ المَنفعةِ مِنهنَّ بمَنزلةِ التَّلوُّطِ، فلا يُوجِبُ مَهرًا، وهذا قولُ الشَّعبيِّ، وهذا بخِلافِ تَحريمِ المُصاهَرةِ؛ فإنهُ عارِضٌ يُمكِنُ زوالُه.

قالَ صاحِبُ «المُغْنِي»: وهكذا يَنبغِي أنْ يَكونَ الحُكمُ فيمَن حَرُمَتْ بالرَّضاعِ؛ لأنهُ طارِئٌ أيضًا.

ومَن فرَّقَ في ذَواتِ المَحارِمِ بيْنَ مَنْ تَحرُمُ ابنتُها وبيْنَ مَنْ لا تَحرُمُ فكأنهُ رَأى أنَّ مَنْ لا تَحرُمُ ابنَتُها تَحريمُها أخَفُّ مِنْ تَحريمِ الأُخرى، فأشبَهَ العارِضَ.

فإنْ قيلَ: فما حُكمُ المُكرَهةِ على الوَطءِ في دُبُرِها، أو الأمَةِ المُطاوِعةِ على ذلكَ؟

قيلَ: هو أَولَى بعَدمِ الوُجوبِ؛ فهذا كاللِّواطِ لا يَجبُ فيهِ المَهرُ اتِّفاقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>