وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ ﵀: ولا نِزاعَ بيْنَ الفُقهاءِ في أنَّ الحُرَّةَ البالِغةَ العاقِلةَ إذا مَكَّنَتْ رَجلًا مِنْ نَفسِها فزَنَى بها أنهُ لا مَهرَ لها، واختُلِفَ في مَسألتَينِ: إحداهُما: الحُرَّةُ المُكرَهةُ، والثَّانيةُ: الأمَةُ المُطاوِعةُ.
أحَدُها: أنَّ لها المَهرَ، بِكرًا كانَتْ أو ثيِّبًا، سواءٌ وُطئَتْ في قُبُلِها أو دُبُرِها.
والثَّاني: أنها إنْ كانَتْ ثيِّبًا فلا مَهرَ لها، وإنْ كانَتْ بِكرًا فلها المَهرُ، وهل يَجبُ معهُ أرْشُ البَكارةِ؟ على رِوايتَينِ مَنصوصتَينِ، وهذا القَولُ اختيارُ أبي بكرٍ.
والثَّالثُ: أنها إنْ كانَتْ ذاتَ مَحرَمٍ فلا مَهرَ لها، وإنْ كانَتْ أجنبيَّةً فلها المَهرُ.
والرَّابعُ: أنَّ مَنْ تَحرُمُ ابنَتُها كالأمِّ والبنتِ والأُختِ فلا مَهرَ لها، ومَن تَحلُّ ابنَتُها كالعمَّةِ والخالَةِ فلها المَهرُ.
وقالَ أبو حَنيفةَ ﵀: لا مَهرَ للمُكرَهةِ على الزِّنَى بحالٍ، بِكرًا كانَتْ أو ثيِّبًا.
فمَن أوجَبَ المَهرَ قالَ: إنَّ استيفاءَ هذهِ المَنفعةِ جُعِلَ مُقوَّمًا في الشَّرعِ بالمَهرِ، وإنَّما لم يَجبْ للمُختارةِ؛ لأنها باذِلةٌ للمَنفعةِ الَّتي عِوضُها لها، فلَم يَجبْ لها شيءٌ، كما لو أذنَتْ في إتلافِ عُضوٍ مِنْ أعضائِها لمَن أتلَفَه.