تعالَى لا يَسقطُ بهِ حَقُ الآدَميِّ، وهُمَا حَقَّانِ واجِبانِ أوجَبَهما اللهُ تعالَى ورَسولُه، فلا يَضُرُّ اجتِماعُهما (١).
وقالَ الإمامُ الماوَرْديُّ ﵀: قالَ الشَّافعيُّ: «وإنْ أكرَهَها على الزِّنا فعليهِ الحَدُّ دُونَها ومَهرُ مِثلِها» … فأمَّا المَهرُ فمُختلَفٌ في وُجوبِه، فمَذهبُ الشَّافعيِّ أنَّ عليهِ لها مَهر مِثلِها.
وقالَ أبو حَنيفةَ: لا مَهرَ عليهِ؛ احتِجاجًا بنَهيِ رَسولِ اللهِ ﷺ عن مَهرِ البَغْي، رَواهُ بالتَّسكِينِ، والبَغيُ الزِّنا، وهذا زِنا.
قالَ: ولأنهُ وَطءٌ وجَبَ بهِ الحَدُّ على الواطِئِ، فوجَبَ أنْ يَسقطَ عنهُ المَهرُ كالمُطاوِعةِ.
قالَ: ولأنَّ الحَدَّ يَجبُ معَ انتِفاءِ الشُّبهةِ، والمَهرُ يَجبُ معَ وُجودِ الشُّبهةِ، فامتَنعَ اجتِماعُهما.
ودَليلُنا: قَولُ النَّبيِّ ﷺ: «أيُّما امرَأةٍ نُكحَتْ بغَيرِ إذنِ وليِّها فنِكاحُها باطِلٌ، فإنْ مَسَّها فلها المَهرُ بما استَحلَّ مِنْ فَرْجِها»، وهذا مُستحِلٌّ لفَرجِها، فوجَبَ أنْ يَلزمَه مَهرُها.
فإنْ قيلَ: إنِّما لَزمَه المَهرُ في العَقدِ الفاسِدِ.
قيلَ: كُلُّ ما ضُمِنَ بالبَدلِ مِنَ العَقدِ الفاسِدِ ضُمِنَ بالغَصبِ والإكراهِ كالأموالِ؛ لأنهُ وَطءٌ في غَيرِ مِلكٍ، فإذا سقَطَ بهِ الحَدُّ عنِ المَوطوءةِ وجَبَ
(١) «الاستذكار» (٧/ ١٤٦، ١٤٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute