للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا كانَتْ غيْرَ عالِمةٍ بأنهُ أجنبيٌّ، بأنْ كانَتْ نائِمةً أو اعتَقدَتْ أنَّه زَوجُها، فإنَّ عليهِ مَهرًا واحِدًا، ولو كانَتْ عالِمةً حُدَّتْ ولا شيءَ لها، كانَ هوَ غالِطًا أو عالِمًا؛ لأنَّها زانيةٌ.

وإنْ لم تَتَّحدِ الشُّبهةُ بل تَعدَّدَتْ فإنَّه يَلزمُه لِكلِّ وَطءٍ صَداقٌ، كما إذا ظَنَّها في المَرَّةِ الأُولَى زَوجَتَه وفي الثَّانيةِ أمَتَه، فيَتعدَّدُ المَهرُ عليهِ بتَعدُّدِ الظُّنونِ (١).

وقالَ الشَّافِعيةُ: لا يَتعدَّدُ المَهرُ بتَعدُّدِ الوَطءِ في شُبهةٍ واحِدةٍ، فإذا وَطئَ مِرارًا بشُبهةٍ واحِدةٍ أو في نِكاحٍ فاسِدٍ لم يَجبْ إلَّا مَهرٌ واحِدٌ.

ولو وَطئَ بشُبهةٍ فزالَتْ تِلكَ الشُّبهةُ ثمَّ وَطئَ بشُبهةٍ أُخرى وجَبَ مَهرانِ، كأنْ وَطئَ امرأةً مرَّةً بنِكاحٍ فاسِدٍ ففُرِّقَ بيْنَهما، ثمَّ مرَّةً أُخرى بنِكاحٍ آخرَ فاسِدٍ، أو وَطئَها يَظنُّها زَوجَتَه ثمَّ عَلِمَ الواقِعَ ثمَّ ظنَّها مَرَّةً أُخرى زَوجَتَه فوَطئَها، أو وَطئَها مرَّةً يَظنُّها زَوجَتَه ومرَّةً أُخرى يَظنُّها زَوجَتَه الأُخرى، فيَتعدَّدُ المَهرُ؛ لتَعدُّدِ سَببِه، لكنْ يُعتبَرُ أكمَلُ الأحوالِ في الوَطآتِ؛ لأنهُ لو لَم يُوجَدْ إلَّا الوَطأةُ الواقِعةُ في تلكَ الحالَةِ لَوجَبَ ذلكَ المهرُ، فالوَطآتُ الباقيةُ إذا لم تَقْتَضِ زِيادةً لا تُوجِبُ نُقصانًا (٢).


(١) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٨١)، و «الذخيرة» (٤/ ٣٧٠، ٣٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٦٧، ١٦٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ١٢٤، ١٢٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٥/ ١٤٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>