قالَ أصحابُنا الثَّلاثةُ: يَجبُ الأقلُّ مِنْ مَهرِ مِثلِها ومِن المُسمَّى.
وقالَ زُفرُ: يَجبُ مَهرُ المِثلِ بالِغًا ما بلَغَ، وكذا هذا الخِلافُ في الإجارةِ الفاسِدَةِ.
وَجهُ قَولِ زُفرَ: أنَّ المَنافِعَ تَتقوَّمُ بالعَقدِ الصَّحيحِ والفاسِدِ جَميعًا كالأَعيانِ، فيَلزمُ إظهارُ أثَرِ التَّقوُّمِ، وذلكَ بإيجابِ مَهرِ المِثلِ بالِغًا ما بلَغَ؛ لأنَّه قِيمةُ مَنافعِ البُضعِ، وإنَّما العُدولُ إلى المُسمَّى عِنْدَ صحَّةِ التَّسميةِ، ولَم تَصحَّ، لهذا المَعنَى أَوجَبْنا كَمالَ القيمةِ في العَقدِ الفاسِدِ، كذا ههُنا.
ولنا: أنَّ العاقدَينِ ما قَوَّمَا المَنافعَ بأكثَرَ مِنْ المُسمَّى، فلا تَتقوَّمُ بأكثَرَ مِنْ المُسمَّى، فحَصلَتِ الزِّيادةُ مُستَوفاةً مِنْ غيرِ عَقدٍ، فلَم تكنْ لها قِيمةٌ، إلَّا أنَّ مَهرَ المِثلِ إذا كانَ أقَلَّ مِنَ المُسمَّى لا يَبلُغُ بهِ المُسمَّى؛ لأنها رَضيَتْ بذلكَ القَدْرِ لرِضاها بمَهرِ مِثلِها (١).
وقالَ المالِكيةُ: النِّكاحُ الفاسِدُ -ولا يكونُ فَسادُه إلَّا لعَقدِه، أو لعَقدِه وصَداقِه مَعًا- سواءٌ كانَ مُتَّفَقًا على فَسادِه أو مُختلَفًا فيهِ: إمَّا أنْ يُفسَخَ قبْلَ البِناءِ أو يُفسخَ بعْدَه، وفي كُلٍّ: إمَّا أنْ يكونَ هُناكَ مُسمَّى أو لا يكونُ.
فإنْ فُسخَ بعْدَ البِناءِ وكانَ هُناكَ مُسمًّى صَحيحٌ فالمُسمَّى واجِبٌ للمَرأةِ إنْ كانَ حَلالًا.
وإنْ لم يَكنْ فيهِ مُسمًّى كصَريحِ الشِّغارِ أو كانَ المُسمَّى حَرامًا كخَمرٍ فيَجبُ عليهِ صَداقُ المِثلِ باعتِبار يَومِ الوَطءِ؛ لأنهُ يَومُ الاستِيفاءِ، لا يَوم العَقدِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٣٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute