للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ علَّقَ طَلاقَها على فِعلٍ مِنْ قِبَلِها لم يَسقُطْ مَهرُها؛ لأنَّ السَّببَ مِنه وُجدَ، وإنَّما هي حَقَّقتْ شَرْطَه، والحُكمُ يُنسَبُ إلى صاحِبِ السَّببِ.

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : لو عَلَّقَ طَلاقَها على صِفةٍ مِنْ فِعلِها الَّذي لها منه بدٌّ كدُخولِها دارَ أجنبيٍّ وفَعلَتْه قبْلَ الدُّخولِ فلا مَهرَ لها، وقوَّاه ابنُ رجبٍ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالكيَّةُ -في الجُملةِ على تَفصِيلٍ عِندَهم- إلى أنَّ المرأةَ إذا خالَعَتْ زوْجَها قبْلَ الدُّخولِ لا شيءَ لها، ولا يَتنصَّفُ الصَّداقُ.

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا اختَلعَتْ قبْلَ الدُّخولِ على ألفٍ ومَهرُها ألفٌ ولَم تَقبضْ شَيئًا فالقياسُ أنْ يَجبَ عليها خَمسُمِائةٍ للزَّوجِ؛ لأنَّ خَمسَمِائةٍ مِنْ المَهرِ سَقطَتْ بالطَّلاقِ قبْلَ الدخولِ، وقدِ التَزمَتِ المرأةُ الألفَ، ونَصفُ الألفِ سقَطَ عن ذمَّتِها بطريقِ المُقاصَّةِ؛ لأنَّ لها على الزَّوجِ خَمسَمائةٍ باقيةً بعْدَ سُقوطِ نِصفِ المَهرِ، فوجَبَ عليها خَمسُمائةٍ زائِدةٌ على الألفِ تَتْميمًا للألفِ الَّتي التَزمَتْها.

وفي الاستِحسانِ: لا شيءَ عليها؛ لأنَّ مَقصودَ الزَّوجِ سُقوطُ كلِّ المَهرِ عَنْ ذِمَّتِه وقَد حصَلَ، فلا يَلزمُها شيءٌ زائِدٌ على ذلكَ.

وأمَّا إذا قَبضَتْ جَميعَ المَهرِ فعَلى القياسِ: تَرُدُّ المرأةُ الألفَ وخَمسَمِائةٍ،


(١) «المغني» (٧/ ٢٠٤، ٢٠٥، ٢١١)، و «الكافي» (٣/ ٩٢)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٧٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٦٣، ١٦٦)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢١٢)، و «منار السبيل» (٣/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>