قالَ ابنُ عابدِينَ ﵀: الَّذي يَظهَرُ لي دُخولُ هذا فيما قبْلَه وهوَ الخَلوةُ؛ لأنَّ العادةَ أنَّ إزالةَ البَكارةٍ بحَجرٍ ونَحوِه كإصبعٍ إنَّما تكونُ في الخَلوةِ، فلِذا وجَبَ كلُّ المَهرِ، بخِلافِ إزالتِها بدَفعةٍ، فإنَّ المُرادَ حُصولُها في غَيرِ خَلوةٍ، ثمَّ رَأيتُ ما يُفيدُ ذلكَ في جِناياتِ «الفَتاوَى الهِنديَّة» عَنْ «المُحيط» حَيثُ قالَ: ولو دفَعَ امرَأتَه ولم يَدخُلْ بها فذَهبَتْ عُذْرَتُها ثمَّ طلَّقَها فعَليهِ نِصفُ المَهرِ، ولو دفَعَ امرأةَ الغَيرِ وذهَبَتْ عُذرَتُها ثمَّ تَزوَّجَها ودَخلَ وجَبَ لها مَهرانِ. اه. أي مَهرٌ بالدُّخولِ بحُكمِ النِّكاحِ ومَهرٌ بإزالةِ العُذرَةِ بالدَّفعِ كما في جِناياتِ «الخانِيَّة»، فقَولُه: ولو دفَعَ امرَأتَه ولَم يَدخُلْ بها ذكَرَ مِثلَه في جِناياتِ «الخانيَّةِ»، ومِثلُه في «الفَتْح» هُنا، وهو صَريحٌ فيما قُلناهُ في مَسألةِ الدَّفعِ، ومُشِيرٌ إلى أنَّ مَسألةَ الحَجَرِ في الخَلوةِ، إذْ لا يَظهَرُ الفَرقُ بَينَ مُجرَّدِ إزالَتها بحَجرٍ أو دَفعةٍ، ويَدلُّ عليهِ أنَّ المُفادَ مِنْ إيجابِ نِصفِ المَهرِ في مَسألةِ الدَّفعِ أنَّ الزَّوجَ لا ضَمانَ عليهِ في إِزالةِ بَكارةِ الزَّوجةِ بأيِّ سَببٍ كانَ؛ لأنَّ وُجوبَ نِصفِ المَهرِ عليهِ إنما هو بحُكمِ الطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ، وإلَّا لَوجَبَ عليهِ مَهرٌ آخَرُ لإزالتِها بالدَّفعِ كما في مَسألةِ امرَأةِ الغَيرِ.
وبهِ عُلِمَ أنَّ لُزومَ كَمالِ المَهرِ فيما لو أزالَها بحَجَرٍ إنَّما هوَ بحُكمِ الطَّلاقِ بعْدَ الخَلوةِ لا بسَببِ إزالتِها بالحَجَرِ، وإلَّا لَكانَ الواجِبُ عليهِ مَهرَينِ، حتَّى لو كانَ قَدْ ضرَبَها بحَجَرٍ بدُونِ خَلوةٍ فأزالَ بَكارَتَها لا يَلزمُه شيءٌ لإزالةِ البَكارةِ، فإذا طلَّقَها قبْلَ الخَلوةِ أيضًا فعَليهِ نِصفُ المَهرِ بحُكمِ الطَّلاقِ كما في مَسألةِ الدَّفعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute