للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ المَهرَ قد وجَبَ بنَفسِ العَقدِ، فمتَى صارَ مِلكًا لها بنَفسِ العَقدِ فالمِلكُ الثَّابِتُ لإنسانٍ لا يَجوزُ أنْ يَزولَ إلَّا بإزالةِ المالكِ أو بعَجزِه عنِ الانتِفاعِ بالمَملوكِ حَقيقةً، إمَّا لمَعنًى يَرجِعُ إلى المالكِ أو لمَعنًى يَرجعُ إلى المَحلِّ، ولم يُوجَدْ شيءٌ مِنْ ذلكَ، فلا يَزولُ إلَّا عندَ الطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ وقبْلَ الخَلوةِ، وسُقوطُ النِّصفِ بإسقاطِ الشَّرعِ غيرُ مَعقولِ المَعنى إلَّا بالطَّلاقِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ فعلُ الزَّوجِ، والمهرُ مِلكُها، والإنسانُ لا يَملكُ إسقاطَ حَقِّ الغيرِ عن نَفسِه.

ولأنها سَلَّمتْ نفْسَها التَّسليمَ الواجِبَ عليها، فاستَقرَّ صَداقُها؛ لأنَّ التَّسليمَ المُستحَقَّ وُجِدَ مِنْ جِهتِها، فيَستقرُّ بهِ البَدلُ كما لو وَطِئَها، أو كما لو أَجَّرتْ دارَها أو باعَتْها وسَلَّمتْها.

ولأنَّ الغالِبَ عندَ إغلاقِ البابِ وإرخاءِ السِّتْرِ على المرأةِ وُقوعُ الجِماعِ، فأُقيمَتِ المَّظنَّةُ مَقامَ الْمَئِنَّةِ؛ لِمَا جُبلَتْ عليهِ النُّفوسُ في تلكَ الحالةِ مِنْ عَدمِ الصَّبْرِ عنِ الوِقاعِ غالِبًا؛ لغَلبةِ الشَّهوةِ وتَوفُّرِ الدَّاعيةِ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٩١، ٢٩٤)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٢١، ٣٢٣)، و «اللباب» (٢/ ٣٨، ٣٤)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٣٣١، ٣٣٢)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٤٢)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٦٢، ١٦٣)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ١٠٢)، و «المغني» (٧/ ١٩١)، و «الكافي» (٣/ ٩٥)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٣٤)، و «المبدع» (٨/ ١٠٧، ١٠٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٦٨، ١٦٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٦٥)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٠٥)، و «منار السبيل» (٣/ ١٩، ٢٠)، و «فتح الباري» (٩/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>