ولأنَّ المَهرَ قد وجَبَ بنَفسِ العَقدِ، فمتَى صارَ مِلكًا لها بنَفسِ العَقدِ فالمِلكُ الثَّابِتُ لإنسانٍ لا يَجوزُ أنْ يَزولَ إلَّا بإزالةِ المالكِ أو بعَجزِه عنِ الانتِفاعِ بالمَملوكِ حَقيقةً، إمَّا لمَعنًى يَرجِعُ إلى المالكِ أو لمَعنًى يَرجعُ إلى المَحلِّ، ولم يُوجَدْ شيءٌ مِنْ ذلكَ، فلا يَزولُ إلَّا عندَ الطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ وقبْلَ الخَلوةِ، وسُقوطُ النِّصفِ بإسقاطِ الشَّرعِ غيرُ مَعقولِ المَعنى إلَّا بالطَّلاقِ؛ لأنَّ الطَّلاقَ فعلُ الزَّوجِ، والمهرُ مِلكُها، والإنسانُ لا يَملكُ إسقاطَ حَقِّ الغيرِ عن نَفسِه.
ولأنها سَلَّمتْ نفْسَها التَّسليمَ الواجِبَ عليها، فاستَقرَّ صَداقُها؛ لأنَّ التَّسليمَ المُستحَقَّ وُجِدَ مِنْ جِهتِها، فيَستقرُّ بهِ البَدلُ كما لو وَطِئَها، أو كما لو أَجَّرتْ دارَها أو باعَتْها وسَلَّمتْها.