للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضايا اشتَهرَتْ ولَم يُخالِفْهم أحَدٌ في عَصرِهم، فكانَ كالإجماعِ.

ولِمَا رُويَ عَنِ النَّبِيِّ : «مَنْ كشَفَ خِمارَ امرَأةٍ ونظَرَ إليها فقدْ وجَبَ الصَّداقُ، دخَلَ بها أو لمْ يَدخُلْ» (١).

ولقَولِ اللهِ ﷿: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٢٠ - ٢١]، نهَى الزَّوجَ عَنْ أخذِ شيءٍ مِمَّا ساقَ إليها مِنَ المَهرِ عِنْدَ الطَّلاقِ، وأبانَ عَنْ مَعنَى النَّهي لوُجودِ الخَلوةِ، كذا قالَ الفَرَّاءُ: إنَّ الإفضاءَ هو الخَلوةُ، دخَلَ بها أو لم يَدخُلْ، ومَأخَذُ اللَّفظِ دَليلٌ على أنَّ المُرادَ منهُ الخَلوةُ الصَّحيحةُ؛ لأنَّ الإفضاءَ مَأخوذٌ مِنْ الفَضاءِ مِنَ الأرضِ، وهو المَوضِعُ الَّذي لا نَباتَ فيهِ ولا بِناءَ فيهِ ولا حاجِزَ يَمنَعُ عَنْ إدراكِ ما فيهِ، فكانَ المُرادُ منهُ الخلوةَ على هذا الوجهِ، وهيَ الَّتي لا حائِلَ فيها ولا مانِعَ مِنَ الاستِمتاعِ عَمَلًا بمُقتَضى اللَّفظِ، فظاهِرُ النَّصِّ يَقتَضي أنْ لا يَسقطَ شيءٌ منهُ بالطَّلاقِ، إلَّا أنَّ سُقوطَ النِّصفِ بالطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ وقبْلَ الخَلوةِ في نكاحٍ فيهِ تَسميةٌ وإقامةَ المُتعةِ مَقامَ نِصفِ مَهرِ المثلِ في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه ثبَتَ بدليلٍ آخَرَ، فبَقيَ حالُ ما بعْدَ الخَلوةِ على ظاهِرِ النَّصِّ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الدارقطني (٣٨٢٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>