للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّداقَ عِوضٌ فلمَّا لم يَقبضِ المُعوَّضَ لم يَجبِ العِوضُ؛ قياسًا على البَيعِ، ولمَا رَوى مالِكٌ في المُوطَّأِ عن نافِعٍ أنَّ ابنةَ عُبيدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ وأُمُّها بِنتُ زَيدِ بنِ الخطَّابِ كانَتْ تحتَ ابنٍ لعَبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ فماتَ ولم يَدخُلْ بها ولَم يُسمِّ لها صَداقًا، فابتَغَتْ أُمُّها صَداقَها، فقالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمرَ: «ليسَ لها صَداقٌ، ولو كانَ لها صَداقٌ لمْ نُمسِكْه ولم نَظلِمْها، فأَبتْ أُمُّها أنْ تَقبلَ ذلكَ، فجَعلُوا بيْنَهم زَيدَ بنَ ثابتٍ، فقَضَى أنْ لا صَداقَ لها ولها المِيراثُ» (١).

ولمَا رُويَ عنِ النَّبيِّ أنهُ قالَ: «أَدُّوا العَلائقَ، قيلَ: وما العَلائقُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ما تَراضَى بهِ الأهلُونَ» (٢)، فدَلَّ على أنَّ المُستحَقَّ بالعَقدِ ما تَراضَى بهِ الأهلُونَ دُونَ غيرِه.

ومِن طريقِ القياسِ: أنهُ فِراقُ مُفوَّضةٍ قبْلَ فَرضٍ وإصابةٍ، فلم يُستحَقَّ بهِ مهرٌ كالطَّلاقِ، ولأنَّ المَوتَ سَببٌ يَقعُ بهِ الفُرقةُ، فلَم يَجبْ بهِ المَهرُ كالرَّضاعِ والرِّدةِ، ولأنَّ مَنْ لَم يُنتصَفْ صَداقُها بالطَّلاقِ لَم يُستفَدْ بالمَوتِ جَميعُ الصَّداقِ كالمُبَرِّئةِ لزَوجِها مِنْ صَداقِها، ولأنَّ كلَّ ما لَم يُنتصَفْ بالطَّلاقِ لَم يُتكمَّلْ بالمَوتِ، كالزِّيادةِ على مَهرِ المِثلِ، فأمَّا حَديثُ بَروَعَ فقدِ اختُلِفَ في ثُبوتِه (٣).

وقَد تَقدَّمَتِ المَسألةُ بالتَّفصيلِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالك في «الموطأ» (١٠٩٨).
(٢) ضعيفٌ جِدًّا: رواه سعيد بن منصور في «سننه» (٦١٩)، وابن أبي شيبة (١٦٣٦١، ٣٦١٦٨).
(٣) «الاستذكار» (٥/ ٤٢٤، ٤٢٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٠)، و «البيان والتحصيل»

<<  <  ج: ص:  >  >>