للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَقُّه، والإنسانُ يَملِكُ التصرُّفَ في مِلكِ نَفسِه استِيفاءً وإسقاطًا، فكانَ مُحتمِلًا للسُّقوطِ بتَفويتِ المُبدَلِ دلالةً كما كانَ مُحتمِلاً للسُّقوطِ بالإسقاطِ نَصًّا بالإبراءِ، وهوَ الجَوابُ عمَّا إذا قتَلَها زَوجُها أو أجنَبيٌّ؛ لأنَّه لا حَقَّ للأجنَبيِّ ولا للزَّوجِ في مَهرِها، فلا يَحتمِلُ السُّقوطَ بإسقاطِهما، ولهذا لا يَحتمِلُ السُّقوطَ بإسقاطِهِما نَصًّا، فكيفَ يَحتمِلُ السُّقوطَ مِنْ طَريقِ الدَّلالةِ؟ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَتقرَّرُ الصَّداقُ المُسمَّى على الزَّوجِ بالموتِ لأحدِ الزَّوجَينِ أو لهُما مَعًا قبْلَ الدُّخولِ ولو غيرَ بالغٍ وهي غَيرُ مُطيقةٍ، حتَّى ولو قَتلَتْ نَفسَها كُرهًا في زَوجِها، وسَواءٌ كانَ المَوتُ مُتيقَّنًا أو بحُكمِ الشَّرعِ كالمَفقودِ في بلادِ المُسلمينِ، فإنهُ بعْدَ مُضيِ مُدَّةِ التَّعميرِ يَحكمُ الحاكِمُ بمَوتِهِ.

ولو قَتلَتِ المَرأةُ زوْجَها فتُعامَلُ بنَقيضِ مَقصودِها، ولا يَتكمَّلُ لها صَداقُها على الصَّحيحِ في المَذهَبِ كما استَظهرَهُ العَدَويُّ والدُّسُوقيُّ؛ لاتِّهامِها لِئلَّا يكونَ ذَريعةً لقَتلِ النِّساءِ أزواجَهنَّ (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: هَلاكُ المَنكوحةِ بعْدَ الدُّخولِ لا يُسقِطُ شيئًا مِنَ المَهرِ، سَواءٌ هَلكَتْ بمَوتٍ أو قَتلٍ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٩٤).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٥٧٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٤١، ١٤٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>