بنَفسِ العَقدِ صار دَينًا عليهِ، والمَوتُ لم يُعرَفْ مُسقِطًا للدَّينِ في أصولِ الشَّرعِ، فلا يَسقُطُ شيءٌ منهُ بالمَوتِ كسائِرِ الدُّيونِ (١).
وجُمهورُ الفُقهاءِ -على تَفصيلٍ عِندَهم- يَرَونَ أنهُ يَستقرُّ المَهرُ بالمَوتِ، ولو كانَ أحَدُهما قتَلَ نفْسَه أو قتَلَه الآخَرُ، بأنْ قَتلَتِ الزَّوجةُ نَفسَها أو قَتلَتْ زوْجَها، فإنَّ المَهرَ يَستقرُّ بالمَوتِ.
إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لو قتَلَ أحَدُهما الآخَرَ، هل يَستقرُّ المَهرُ به أم لا؟
قالَ الحَنفيةُ: إذا قتَلَ أحَدُ الزَّوجَينِ الآخَرَ أو قَتلَه أجنبيٌّ أو قتَلَ الزَّوجُ نَفسَه أو الزَّوجةُ نَفسَها فإنَّ المَهرَ يَجبُ كامِلًا.
قالَ الكاسانِيُّ ﵀: وكذا إذا قُتِلَ أحدُهُما، سَواءٌ كانَ قتَلَه أجنَبيٌّ أو قتَلَ أحدُهُما صاحِبَه أو قتَلَ الزَّوجُ نَفسَه.
فأمَّا إذا قَتلَتِ المَرأةُ نَفسَها؛ فإنْ كانَتْ حُرَّةً لا يَسقُطُ عنِ الزَّوجِ شيءٌ مِنَ المَهرِ، بل يَتأكدُ المَهرُ عِندَنا … لأنَّ القتلَ إنَّما يَصيرُ تَفويتًا للحقِّ عِنْدَ زُهوقِ الرُّوحِ؛ لأنهُ إنِّما يَصيرُ قَتلًا في حَقِّ المَحلِّ عندَ ذلكَ، والمَهرُ في تلكَ الحالةِ مِلكُ الوَرثةِ، فلا يَحتَملُ السُّقوطَ بفِعلِها، كما إذا قَتلَها زَوجُها أو أجنَبيٌّ.
ثمَّ قالَ: ولأنَّ المَهرَ وَقتَ فواتِ المُبدَلِ على الزَّوجِ مِلكُ المَولى
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٩٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute