دُونَ مَنْ كانَ في غيرِه؛ لأنَّ للبُلدانِ في المُهورِ عاداتٌ مُختلِفةٌ، فتكونُ عاداتُ بَعضِ البُلدانِ تَخفيفَ المُهورِ، وعاداتُ بَعضِها تَثقيلَ المُهورِ، فاقَتَضى أنْ يكونَ ذلكَ مُعتبَرًا، كما تُعتبَرُ قيمةُ المُتلَفِ في مَوضِعِ إتلافِهِ؛ لأنَّ القِيَمَ تَختلِفُ باختِلافِ الأمكِنةِ، فلذلكَ وجَبَ اعتِبارُ البَلدِ معَ نِساءِ العَصَباتِ، فهذا حُكمُ المَنصِبِ.
والمُعتبَرُ غالبُ عادةِ النِّساءِ المُعتبَراتِ، فلو سامَحَتْ واحِدةٌ مِنهنَّ لَم يَلزمِ الباقياتِ المُسامَحةُ، إلَّا أنْ يكونَ لنَقصٍ دخَلَ النَّسبَ وفَتَرَتِ الرَّغباتُ.
وأمَّا صِفاتُ الذَّاتِ المُعتبَرَةُ في المُهورِ فعَشرةٌ: سِنُّها وعَقلُها وحُمقُها وجَمالُها وقُبحُها ويُسرُها وعُسرُها وأدَبُها وصَراحتُها وبِكرًا كانَتْ أو ثَيِّبًا؛ لأنَّ المُهورَ بذلكَ تَختلِفُ.
أحدُها: السِّنُّ؛ لاختِلافِ المَهرِ باختِلافِه؛ لأنَّ الصَّغيرةَ أَرجَى للوَلدِ وأَلذُّ في الاستِمتاعِ مِنْ الكَبيرةِ.
والثَّاني: عَقلُها وحُمقُها، فإنَّ للعاقِلةِ مَهرًا وللرَّعْناءِ والحَمْقاءِ دُونَه؛ لكَثرةِ الرَّغبةِ في العاقِلةِ وقلَّةِ الرَّغبةِ في الحَمقاءِ.
والثَّالثُ: جَمالُها وقُبحُها، فإنَّ مَهرَ الجَميلةِ أكثرُ مِنْ مَهرِ القَبيحةِ.
وقد رُويَ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يُنكَحُ النِّساءُ لأربَعٍ: لمالِها ولحَسَبِها ولجَمالِها ولدِينِها، فعَليكَ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ»، ولأنَّ لهُ تَأثيرًا في الاستِمتاعِ، وهوَ المَقصودُ في النِّكاحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute