للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَصحُّ الفَسخُ للإعسَارِ بالصَّداقِ إلا بالحاكمِ؛ لأنهُ مُجتهَدٌ فيهِ، فهو كفَسخِ النكاحِ بالعَيبِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إنْ أعسَرَ الزَّوجُ بالمَهرِ الحالِّ قبلَ الدُّخولِ فلها الفَسخُ؛ لأنه تَعذَّرَ الوُصولُ إلى عِوضِ العَقدِ قبلَ تَسليمِ المُعوَّضِ، فكانَ لها الفَسخُ كما لو أعسَرَ المُشتري بالثَّمنِ قبلَ تَسليمِ المَبيعِ.

وإنْ أعسَرَ بعدَ الدُّخولِ فلها الفَسخُ أيضًا في المَذهبِ؛ لأنه تَعذَّرَ عليها الوصولُ إلى العِوضِ، أشبَهَ ما لو أفلَسَ المُشتري.

وفي وَجهٍ: ليسَ لها الفَسخُ؛ بناءً على القَولِ أنهُ ليسَ لها مَنعُ نَفسِها، كما لو أفلَسَ بدَينٍ لها لآخَرَ.

ولا يَجوزُ الفَسخُ إلا بحُكمِ حاكمٍ؛ لأنه مُجتهَدٌ فيهِ.

إلا أنها لو رَضِيَتْ بالمقامِ معهُ بعدَ عُسرَتِه امتَنعَ الفَسخُ، وكذا لو تَزوَّجتْه عالِمةً بعُسرتِه امتَنعَ الفَسخُ؛ لرِضاها بهِ، هذا هو المَذهبُ، وقيلَ: لها الفَسخُ.

وللتي رَضِيَتْ بالمقامِ مع العُسرةِ أو تَزوَّجتْه عالِمةً بالعُسرَةِ مَنعُ نَفسِها حتَّى تَقبضَ مَهرَها الحالَّ؛ لأنه لم يَثبتْ له عليها حَقُّ الحَبسِ (٢).


(١) «البيان» (٩/ ٤٥٣، ٤٥٤)، ويُنظَر: «الأم» (٥/ ٩١)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٦١، ٤٦٣)، والإقناع (٢/ ٤٨٨).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٠١)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٣٨)، و «الفروع» (٥/ ٢٢٢)، و «المبدع» (٧/ ١٧٧)، و «الإنصاف» (٨/ ٣١٢، ٣١٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>