الضَّربُ الثالثُ: إذا كانَ الأجَلُ مَعلومًا وحَلَّ الأجلُ:
اختَلفَ الفقهاءُ فيما لو تَزوجَ المرأةَ على مَهرٍ مؤجَّلٍ أجَلًا مَعلومًا وقد حَلَّ الأجلُ، هل لها أنْ تَحبسَ نفسَها بعدَ ذلك أم لا؟
فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ والشافعيةُ في الأصحِّ والحَنابلةُ إلى أنَّ المهرَ إذا كانَ مُؤجلًا أجَلًا مَعلومًا فحَلَّ الأجلُ فليسَ لها أنْ تَمنعَ نفسَها لتَستوفِيَ المهرَ؛ لأنَّ حَقَّ الحَبسِ قد سقَطَ بالتأجيلِ، والساقِطُ لا يَحتملُ العودَ كالثمن في المبيعِ؛ لأنَّ التسليمَ قد وجَبَ عليها واستَقرَّ قبلَ قبضِه، فلم يكنْ لها أنْ تَمتنعَ منه؛ لأنها رَضِيَت أولًا بكونِه في ذمَّته، ووجَبَ عليها التَّسليمُ قبلَ القبضِ، فلم تَرتفعْ بحُلولِ الحقِّ.
وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصحِّ إلى أنَّ لها أنْ تَحبسَ نفسَها؛ لاستحقاقِها المُطالبةَ بعدَ الحُلولِ كما في الابتِداءِ، ولأنها عندَ أبي يُوسفُ لها أنْ تَمنعَ نفسَها قبلَ حُلولِ الأجلِ فبعدَه أَولى (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٨٩)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٢٨٥، ٢٨٦)، و «الهداية» (١/ ٢١١)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٥٥)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٣٧٠)، و «العناية» (٥/ ٣٤، ٣٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٤٣، ٣٤٥)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٨٩)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٧١)، و «الدر المختار» (٣/ ١٤٣، ١٤٥)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٥٣١)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٠٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٦٥)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٩٠)، و «الديباج» (٣/ ٣١٣)، و «المغني» (٧/ ٢٠٠).