للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالبائع إذا أجَّلَ الثمنَ أنه يَسقطُ حقُّ حبسِ المبيعِ، بخِلافِ ما إذا كانَ التأجيلُ إلى مُدةٍ مَجهولةٍ جَهالةً متفاحِشةً؛ لأنَّ التأجيلَ ثمَّةَ لم يَصحَّ، فلم يَثبتِ الأجلُ فبقي المهرُ حالًّا.

ولأنَّ المهرَ إذا كان مُؤجَّلًا تأجيلًا صَحيحًا فمِن حُكمِه أنْ يَتأخرَ تسليمُه عن تَسليمِ النفسِ؛ لأنَّ تَقديمَ تسليمِه ثبَتَ حقًّا لها؛ لأنه ثبَتَ تَحقيقًا للمُعاوَضةِ المُقتضيةِ للمُساواةِ حقًّا لها، فإذا أجَّلَتْه فقدْ أسقَطَتْ حقَّ نفسِها فلا يَسقطُ حقُّ زوجِها؛ لانعدامِ الإسقاطِ منه والرِّضا بالسقوطِ، لهذا المعنَى سقَطَ حقُّ البائِع في الحَبسِ بتأجيلِ الثمنِ، كذا هذا.

وذهَبَ الإمامُ أبو يُوسفَ إلى أنه يَجوزُ لها أنْ تَمنعَ نفسَها عنه، سواءٌ كانَتِ المدَّةُ قصيرةً أو طويلةً بعدَ أنْ كانت مَعلومةً أو مَجهولةً جَهالةً متقارِبةً كجَهالةِ الحَصادِ والدياسِ؛ لأنَّ مِنْ حُكمِ المهرِ أنْ يتقدَّمَ تسليمُه على تسليمِ النفسِ بكلِّ حالٍ؛ لأنه لو كانَ مُعينًا أو غيرَ مُعينٍ وجَبَ تقديمُه فلمَّا قبلَ الزَّوجُ التأجيلَ كانَ ذلكَ رضًا بتأخيرِ حقِّه في القبضِ، بخلافِ البائعِ إذا أجَّلَ الثمنَ أنه ليسَ له أنْ يَحبسَ المبيعَ، ويَبطلُ حقُّه في الحَبسِ بتأجيلِ الثَّمنِ؛ لأنه ليسَ مِنْ حُكمِ الثمنِ تَقديمُ تسليمِه على تسليمِ المبيعِ لا مَحالةَ، ألَا تَرى أنَّ الثمنَ إذا كانَ عَينًا يُسلَّمانِ معًا، فلم يكنْ قبولُ المُشتري التأجيلَ رضًا منه بإسقاطِ حقِّه في القبضِ (١).


(١) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>