للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عَبد البرِّ: ووَضعُ اليُمنَى منهما على اليُسرَى أو إرسالُهما، كلُّ ذلك سُنَّةٌ في الصَّلاةِ (١).

وقالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ : في وَضعِ اليُمنَى على اليُسرَى رِوايتانِ: إحداهما: الاستِحبابُ، والأُخرى: الإباحةُ، وأمَّا الكَراهةُ ففي غيرِ مَوضِعِ الخِلافِ، وهي إذا قَصد بها الاعتِمادَ والاتِّكاءَ.

فوَجهُ الاستِحبابِ قولُه : «ثَلاثٌ مِنْ أخلاقِ النُّبُوَّةِ … »، فذكرَ وَضعَ اليُمنَى على اليُسرَى في الصَّلاةِ. وقيلَ في تَأويلِ قولِه ﷿: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: ٢]، في الصَّلاةِ، وَضعُ اليُمنَى على اليُسرَى في الصَّلاةِ. ولأنَّه أزيَدُ وأدخَلُ في الخُشوعِ وَوَقارِ الصَّلاةِ.

ووَجهُ نَفيِه: «كُفُّوا أيديَكم في الصَّلاةِ»، ولأنَّه علَّم الأعرابيَّ الصَّلاةَ مَفروضَها وسُنَّتَها، ولم يَذكُر ذلك فيها، والأوَّلُ أظهَرُ.

(فَصلٌ): وَصفَةُ وَضعِ إحداهما على الأُخرى أن تَكونَ تحتَ صَدرِه وفوقَ سُرَّتِه، خِلافًا لِأبي حَنيفَةَ في قولِه: إنَّ السُّنةَ أن يَضَعَهما تحتَ السُّرَّةِ؛ لأنَّه مَوضِعٌ مَحكومٌ له مِنْ العَورةِ؛ فلم يكن مَحَلًّا لوَضعِ اليُمنَى على اليُسرَى كالفَخِذِ (٢).

هذا وقد ذُكر عن الشافِعيَّةِ ما يُؤيِّدُ قولَ المالِكيَّةِ، إذ قالَ الشِّربينيُّ ما نَصُّه: «والقَصدُ مِنْ القَبضِ المَذكورِ -يَعني قَبضَ اليَدينِ في الصَّلاةِ-


(١) «الكافي» (٤٣).
(٢) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٦٥، ٢٦٦) رقم (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>