للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها تَتصرَّفُ فيه فكانَ كما لو صرَّحَ فقالَ: «قد أذِنْتُ لكِ أنْ تَشتري بصداقِكِ جهازًا»، ولو فعَلَ ذلكَ لم يكنْ له إلا نصفُ ما اشتَرتْهُ.

فدليلُنا على وُجوبِ تجهيزِ المرأةِ للزوجِ إذا كانَ العرفُ عندَهم جاريًا بذلكَ، فدليلُنا قولُه تعالى: ﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: ١٩٩]، ولأنه أخَذَ صَداقَ فاطمةَ فصرَفَه في جهازِها مِنْ طِيبٍ وفرشٍ وغيرِ ذلكَ، ولأنَّ عليًّا قضَى بذلكَ في قضيةٍ ارتفعَ إليه فيها، فقَضَى على الأبِ بوُجوبِ تجهيزِ ابنتِه وقالَ الزوجُ لمَّا طلَّقَ فطلَبَ نصفَ ما دفَعَ فقالَ: آخُذُ صُوفًا وخِرَقًا وقد أعطَيْتُ دراهمَ؟ قالَ: أنتَ أضَعْتَ مالَكَ، ولم يُخالِفْ عليه أحدٌ (١).

قالَ المالِكيةُ أيضًا: للزوجِ التَّمتعُ بشَورتِها -الشَّورَةُ بفتحِ الشينِ هيَ مَتاعُ البيتِ، وبضَمِّها هي الجَمالُ-، والمعنى أنه يَجوزُ للرجلِ أنْ يَتمتعَ مع زوجتِه بشَورتِها التي تجهَّزَتْ بها ودخَلَتْ عليه بها مِنْ غِطاءٍ ووِطاءٍ ولباسٍ ونحوِها، وسواءٌ تمتَّعَ بها معَها أو وحدَه، وتَمتعُه بها حقٌّ له، فله مَنعُها مِنْ بيعِها وهِبتِها؛ لأنه يَفوتُ عليه التمتعُ بها وهو حقٌّ له، والمُرادُ بشَورتِها التي دخَلَتْ بها مِنْ مَقبوضِ صَداقِها التي تجهَّزتْ به، وأما لو لم تَقبضْ شيئًا وإنما تجهَّزَتْ مِنْ مالِ نفسِها فليسَ له عليها إلا الحَجرُ إذا تبَرَّعتْ بزائدِ الثلثِ.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٦٧، ٣٦٨) رقم (١٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>