للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ الزوجةَ إذا قبَضَتِ الحالَّ مِنْ صداقِها قبلَ أنْ يَبنيَ بها زوجُها فللزوجِ أنْ يُلزِمَها أنْ تَتجهَّزَ بذلكَ لا بأزيَدَ منه على


= قالَ الحجَّاجُ بنُ المِنهالِ: وأخبَرَني هُشيمٌ قالَ: أخبَرَني المُغيرةُ عن إبراهيمَ النخَعيِّ أنَّ رَجلًا تزوَّجَ جاريةً فأدخَلَ عليهِ غيرَها، فقالَ إبراهيمُ: للتي دخَلَ بها الصَّداقُ الذي ساقَ، وعلى الذي غَرَّه أنْ يَزِفَّ إليهِ امرأته بمثلِ صداقِها.
قالَ أبو مُحمدٍ: هذا كلُّه عليهم لا لهُم؛ لأنه ليسَ في شيءٍ مِنْ هذَينِ الخبَرينِ أنَّ للزوجِ في ذلكَ حقًّا ولا أَرَبًا إنَّما فيهما أنْ يَضمنَ للتي زُوِّجتْ منه وزُفَّ إليه غيرُها صَداقَها الذي استَهلكَ لها وأُعطيَ لغيرِها بغيرِ حقٍّ، وهكذا نَقولُ.
ثمَّ هُمْ يُخالِفونَ هذه الروايةِ عن عليٍّ في مَوضعينِ: أحَدُهما: أنه جعَلَ للتي زُفَّتْ إليه الصَّداقَ الذي سمَّى لأختها، وهم لا يَقولونَ بهذا، بل إنما يَقضونَ لها بصَداقِ مثلِها.
والمَوضعُ الثاني: أمرُ عليٍّ له أنْ لا يطَأَ التي صَحَّ نكاحُه معها إلا حتَّى تَنقضيَ عدَّةُ الأخرى التي زُفَّتْ إليه، وهم لا يَقولونَ بهذا، فمِن المَقتِ والعارِ والإثمِ تَمويهُ مَنْ يُوهِمُ أنه يَحتجُّ بأثرٍ هو أولُ مَنْ يُخالِفُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ الخُذلانِ، هذا مع أنَّ الجَلالَ بنَ أبي الجَلالِ غيرُ مشهورٍ.
وبما أخبَرناهُ أحمَدُ بنُ قاسمٍ نا أبي قاسمُ بنُ مُحمدِ بنِ قاسمٍ نا جَدِّي قاسمُ بنُ أصبَغَ نا أحمدُ بنُ زُهيرٍ نا الحسنُ بنُ حمَّادٍ نا يحيَى بنُ يَعلى عن سعيدِ بن أبي عَروبةَ عن قتادةَ عن الحسَنِ عن أنسٍ، فذكَرَ خِطبةَ عليٍّ فاطِمةَ ، وأنَّ عليًّا باعَ دِرعَه بأربعمائةٍ وثمانينَ، قالَ: «فأتيتُ بها رسولَ اللهِ فوضَعْتُها في حِجرِه، فقَبضَ منها قبضةً فقالَ: يا بلالُ ابتَغِنَا بها طِيبًا، وأمَرَهم أنْ يُجهِّزُوها، قالَ: فجُعلَ لنا سَريرٌ مَشروطٌ ووِسادةٌ مِنْ أُدمٍ حَشوُها ليفٌ وملءُ البيتِ كَثيبًا» (رواه ابن حبان في «صحيحه» ٦٩٤٤).
قالَ أبو مُحمدٍ: وهذا حُجةٌ عليهم؛ لأنه لا تَبلغُ قَبضةٌ في طِيبٍ وسَريرٌ مَشروطٌ بالشَّريط ووِسادةٌ مِنْ أُدمٍ حَشوُها ليفٌ عُشرَ أربعِمائةِ درهمٍ وثمانينَ دِرهمًا، فظهَرَ فسادُ قَولِهم، والحَمدُ للهِ ربِّ العالمينَ. «المحلى» (٩/ ٥٠٧، ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>