للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البكرِ التي لم يدخلْ بها دونَ سائرِ الزَّوجاتِ، فكانَ حَملُ الخِطابِ على ما يُوجِبُ العُمومَ أَولى مِنْ حَملِه على ما يُوجِبُ الخصوصَ.

والخامسُ: قولُه: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة: ٢٣٧]، وهذا الخِطابُ غيرُ متوجِّهٍ إلى الوليِّ؛ لأنَّ قُرْبَه مِنْ التقوَى أنْ يَحفظَ مالَ مَنْ يَلي عليه لا أنْ يَعفوَ عنه ويبرأَ منه، فدلَّ على أنه الزوجُ دونَ الوليِّ، وهو راجعٌ على ما تقدَّمَه، فاقتَضى أنْ يكونَ المتقدِّمُ قبلَه الذي بيدِه عُقدةُ النكاحِ هو الزوجَ.

ويَدلُّ عليه مِنْ طريقِ السُّنةِ: ما رُويَ مرفوعًا أنَّ رَسولَ اللَّهِ قال: «وَليُّ عُقدَةِ النكاحِ الزَّوجُ» (١)، وهذا نَصٌّ، ولأنه قولُ الصحابةِ، رَوى شريحٌ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ «أنَّ الذي بيَدِه عُقدةُ النكاحِ الزوجُ».

ورَوى أبو سَلمةَ «أنَّ جُبيرَ بنَ مُطعِمٍ تَزوَّجَ امرَأةً مِنْ بَني نَصرٍ فسَمَّى لها صَداقًا ثمَّ طلَّقَها مِنْ قبلِ أنْ يَدخلَ بها، فقرَأَ هذه الآيةَ ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، قالَ: أنا أحَقُّ بالعَفوِ منها، فسلَّمَ لها المَهرَ كامِلًا فأعطاها إياهُ» (٢).

ومِن طريقِ الاستدلالِ أنَّ الزوجَين مُتكافِئانِ فيما أُمِرَا به ونُدِبَا إليه، فلمَّا نُدِبتِ الزوجةُ إلى العفو ترغيبًا للرجالِ فيها اقتَضى أنْ يكونَ الزوجُ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الدارقطني (٣٧٦٢).
(٢) رواه الدراقطني (٣٧٥٨، ٣٧٦٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٤٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>